﴿يَا أَيهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِم﴾ تَفْسِيرُ الْحَسَنِ: جَاهِدِ الْمُنَافِقِينَ بِالسَّيْفِ، وَاغْلُظْ عَلَى الْمُنَافِقِينَ بِالْحُدُودِ.
قَالَ الْحَسَنُ: كَانَ أَكْثَرُ مَنْ يُصِيبُ الْحُدُود يومئذٍ المُنَافِقُونَ.
﴿يحلفُونَ بِاللَّه مَا قَالُوا﴾ قَالَ الْحَسَنُ:
لَقِيَ رجلٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ رَجُلا مِنَ الْمُسْلِمِينَ؛ فَقَالَ: إِنْ كَانَ مَا يَقُولُ محمدٌ حقًّا، فَنَحْنُ شرٍّ مِنَ الْحُمُرِ! فَقَالَ الْمُسْلِمُ: أَنَا أَشْهَدُ أَنَّهُ لَحَقٌّ، وَأَنَّكَ شرٌّ مِنْ حمارٍ. ثمَّ أخبر بذلك النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ إِلَى الْمُنَافِقِ؛ أَقُلْتَ كَذَا؟ فَحَلَفَ بِاللَّهِ مَا قَالَهُ، وَحَلَفَ الْمُسْلِمُ لَقَدْ قَالَهُ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكفْر وَكَفرُوا بعد إسْلَامهمْ﴾ بَعْدَ إِقْرَارِهِمْ ﴿وَهَمُّوا بِمَا لَمْ ينالوا﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: هَمَّ الْمُنَافِقُ بِقَتْلِ الْمُؤْمِنِ؛ حَيْثُ قَالَ لِلْمُنَافِقِ: فَوَاللَّهِ إِنَّ مَا يَقُولُ محمدٌ كُلُّهُ حقٌّ، وَلأَنْتَ شرٌّ مِنْ حِمَارٍ.
﴿وَمَا نَقَمُوا إِلا أَنْ أَغْنَاهُمُ الله وَرَسُوله من فَضله﴾ يَقُولُ: لمْ يَنْقِمُوا مِنَ الَّذِي جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا، إِلا أَنَّهُمْ أَصَابُوا الْغِنَى فِي الدُّنْيَا، وَلَوْ تَمَسَّكُوا بِهِ لأَصَابُوا الْجَنَّةَ فِي الآخِرَةِ.
قَالَ محمدٌ: الْمَعْنَى: أَيْ: لَيْسَ يَنْقِمُونَ شَيْئًا، وَلا يَتَعَرَّفُونَ (حَقَّ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - إِلا الصُّنْعَ)، وَهَذَا مِمَّا لَيْسَ ينقم.
﴿فَإِن يتوبوا﴾ أَيْ: يَرْجِعُوا عَنْ نِفَاقِهِمْ ﴿يَكُ خيرا لَهُم وَإِن يتولوا﴾ عَنِ التَّوْبَةِ، وَيُظْهِرُوا الشِّرْكَ ﴿يُعَذِّبْهُمُ الله عذَابا أَلِيمًا﴾ الْآيَة.
سُورَة التَّوْبَة من الْآيَة (٧٥) إِلَى الْآيَة (٧ ٨).