} ٠٦ سورة قريش مكية وآيها أربع

بسم الله الرحمن الرحيم


﴿لإيلاف قُرَيْشٍ﴾ متعلقٌ بقولِه تعالَى فليعبدُوا والفاءُ لما في الكلامِ منْ مَعْنى الشَّرطِ إذِ المعَنْى أنَّ نِعمَ الله تعالَى عليهمْ غيرُ محصورةٍ فإنْ لَمْ يعبدُوه لسائرِ نعمهِ فليعبدُوه لهذِه النعمةِ الجليلةِ وقيلَ بمضمر تقديرُهُ فعلنَا مَا فعلنَا منْ إهلاكِ أصحابِ الفيلِ لإيلافِ الخ وقيلَ تقديرُهُ أعْجَبُوا لإيلافِ الخ وقيلَ بمَا قَبْلَهُ منْ قولِه تعالَى ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولِ﴾ ويؤيدُهُ أنهُمَا في مُصْحفِ أبي سورة واحدة فلا فصلٍ وَالمَعْنى أهلكَ مَنْ قصدَهُم منَ الحبشةِ ليتسامعَ الناس فيتهيبُوا لَهُمْ زيادةَ تهيبٍ ويحترمون فضلَ احترامٍ حَتَّى ينتظَم لهُمْ الأمنُ في رحلتيِهمْ فَلاَ يجترىءُ عليهمْ أحدٌ وكانتْ لقريشٍ رحلتانِ يرحلونَ في الشتاءِ إلى اليمنِ وفي الصيفِ إِلى الشامِ فيتمارون ويتجرونَ وكانُوا في رحلتيِهمْ آمنينَ لأنَّهُم أهلُ حرمِ الله تعالَى وولاةُ بيتِه العزيزِ فَلاَ يُتَعرضُ لهُمْ والنَّاسُ بينَ مُتخطَّفٍ ومنهوبٍ وَالإيلافُ منْ قولِكَ آلفتْ المكانَ إيلافاً إذا أَلفْتَهُ وقُرِىءَ لإلافِ قُريشٍ أيْ لمؤالفتِهمْ وقيلَ يقالُ ألفتُهُ إلفاً وإلافاً وَقُرِىءَ لإلفِ قريشٍ وقريشٌ ولدُ النَّضْرِ بنِ كنَانَةَ سُمُّوا بتصغيرِ القِرشِ وهُوَ دابةٌ عظيمةٌ في البحرِ تعبثُ بالسفنِ وَلاَ تُطَاقُ إِلاَّ بالنارِ والتصغيرُ للتعظيمِ وقيلَ منَ القَرْشِ وهُوَ الكسبُ لأنهمْ كانُوا كسَّابينَ بتجاراتِهمْ وضربِهمْ في البلادِ
وقولُه تعالَى
﴿إيلافهم رِحْلَةَ الشتاء والصيف﴾ بدلٌ منَ الأولِ ورحلةَ مفعولٌ لإيلافِهم وإفرادُهَا معَ أنَّ المرادَ رِحْلَتي الشتاءِ والصيفِ لأمنِ الإلباسِ وَفي إطلاقِ الإيلافِ عنِ المفعولِ أولاً وإبدالُ هَذا منْهُ فتخيم لأمرِهِ وتذكيرُ لعظيمِ النعمةِ فيهِ وَقُرِىءَ ليألفَ قريشٌ إلَفهُمْ رحلةَ الشتاءِ والصيفِ وقُرِىءَ رُحلةَ بالضمِّ وهيَ الجهةُ التي يُرحلُ إليَها
﴿فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هذا البيت﴾ ﴿الذى أَطْعَمَهُم﴾ بسببِ تينكِ الرحلتينِ اللتينِ تمكُنوا فيهَما بواسطةِ كونِهم منْ جيرانِهِ


الصفحة التالية
Icon