﴿حَيْثُ أصَاب﴾ قَالَ قَتَادَة: يَعْنِي: حَيْثُ أَرَادَ، وَهِي بِلِسَان هجر
﴿وَالشَّيَاطِين كل بِنَاء وغواص﴾ يغوصون فِي الْبَحْر يستخرجون لَهُ اللُّؤْلُؤ
﴿وَآخَرين مُقرنين فِي الأصفاد﴾ فِي السلَاسِل، وَلم يكن يُسَخَّر مِنْهُم وَيسْتَعْمل فِي هَذِه الْأَشْيَاء وَلَا يصفَّد إِلَّا الْكفَّار؛ فَإِذا آمنُوا حلَّهم من تِلْكَ الأصفاد
﴿هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْر حِسَاب﴾ تَفْسِير بَعضهم: فامْنُنْ فأعط من شِئْت أَو أمسك عمَّن شِئْت بِغَيْر حِسَاب (ل ٢٩٥) أَي: فَلَا حِسَاب عَلَيْك فِي ذَلِك وَلَا حرج
﴿وَإِن لَهُ عندنَا لزلفى﴾ يَعْنِي: الْقرْبَة فِي الْمنزلَة ﴿وَحُسْنَ مَآبٍ﴾ أَي: وَحسن مرجع؛ يَعْنِي الْجنَّة.
تَفْسِير الْآيَات من ٤١ وَحَتَّى ٤٣ من سُورَة ص.
﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى ربه﴾ الْآيَة، قَالَ الْحَسَن: إِن إِبْلِيس قَالَ: يَا رب هَلْ من عبيدك عبدٌ إِن سلّطتني عَلَيْهِ امْتنع مني؟ قَالَ: نعم؛ عَبدِي أَيُّوب. فَسَلَّطَهُ اللَّه عَلَيْهِ؛ ليجهد جهده ويضِله، فَجعل يَأْتِيهِ بوساوسه وحبائله وَهُوَ يرَاهُ عيَانًا؛ فَلَا يقدر مِنْهُ عَلَى شيءٍ، فَلَمَّا امْتنع مِنْهُ قَالَ الشَّيْطَان: أَي رب، إِنَّه قد امْتنع مني؛ فسلطني عَلَى مَاله ﴿فَسَلَّطَهُ اللَّه عَلَى مَاله فَجعل يهْلك مَاله صنفا صنفا، فَجعل يَأْتِيهِ وَهُوَ يرَاهُ عيَانًا فَيَقُول: يَا أَيُّوب، هلك مَالك فِي كَذَا وَكَذَا﴾ فَيَقُول: الْحَمد لله اللَّهم أَنْت أعطيْتنيه وَأَنت أخذتهُ مني، إِن تبْق لي نَفسِي أحمدك عَلَى بلائك. فَفعل ذَلكَ حَتَّى أهلك مَا لَهُ كُله، فَقَالَ إِبْلِيس: يَا رب، إِن أَيُّوب لَا يُبَالِي بِمَالِه فسلطني عَلَى جسده! فَسَلَّطَهُ اللَّه عَلَيْهِ، فَمَكثَ سبع سِنِين وأشهرًا حَتَّى وَقعت الْأكلَة فِي جسده.