المجلد الثاني
بَابُ: ذِكْرِ الْآيَاتِ اللَّوَاتِي ادُّعِيَ عَلَيْهِنَّ النَّسْخُ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ وَهِيَ سِتٌّ وَعِشْرُونَ.
ذِكْرُ الآيَةِ الأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ ١.
اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّ الْغَنِيَّ لا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ شَيْئًا، وقالوا: معنى قوله: ﴿فَلْيَسْتَعْفِفْ﴾ أَيْ: بِمَالِ نَفْسِهِ عَنْ مَالِ الْيَتِيمِ، فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فَلَهُمْ فِي الْمُرَادِ بِأَكْلِهِ بِالْمَعْرُوفِ أَرْبَعَةُ أقوال:
أحدها: أَنَّهُ الِاسْتِقْرَاضُ مِنْهُ، رَوَى حَارِثَةُ بْنُ (مُضَرِّبٍ) ٢ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ: إِنِّي أَنْزَلْتُ مَالَ اللَّهِ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ الْيَتِيمِ، إِنِ اسْتَغْنَيْتُ اسْتَعْفَفْتُ وَإِنِ افْتَقَرْتُ أَكَلْتُ بِالْمَعْرُوفِ ثم قضيت٣.
٢ هو: حارثة بن مضرّب بتشديد الراء المكسورة قبلها معجمة العبدي الكوفي روى عن عمر، وعلي، وابن مسعود، وغيرهم، ثقة من الثانية. انظر: تهذيب التهذيب٢/ ١٦٦ - ١٦٧؛ تقريب التهذيب ص: ٦١.
٣ أخرجه الطبري والنحاس من طريق حارثة بن مضرّب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأخرجه البيهقي عنه من طريق البراء في باب (الولي يأكل من مال اليتيم). انظر: جامع البيان ٤/ ١٧١؛ والناسخ والمنسوخ ص: ٩٣؛ والسنن الكبرى ٦/ ٤.