قال ابنُ كثيرٍ في تفسيرِه لقولِه تعالى: ﴿وَلَبِثُواْ فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِاْئَةٍ سِنِينَ﴾ :"هذا خبرٌ مِنَ اللهِ تعالى لرسولِه ﷺ بمقدارِ ما لبثَ أصحابُ الكهفِ في كهفهم منذ أَرْقَدَهُمْ إلى أنْ بَعَثَهم اللهُ، وأَعْثَرَ عليهم أهلَ ذلك الزمانِ، وأنه كان مقدارُه ثلاثمئة سنةٍ تزيد تسعَ سنينَ بالهلالية - أيْ بالقمرية - وهي ثلاثمئة سنة بالشمسية، فإنّ تفاوُتَ ما بينَ كلِّ ثلاثمئة سنة بالقمرية إلى الشمسية ثلاثُ سنينَ، فلهذا قال بعد الثلاثمئة: ﴿وازدادوا تِسْعاً﴾ ".
وفي تفسير الجلاليْنِ: "قوله: ﴿وازدادوا تِسْعاً﴾، أي تسعَ سنين، فالثلاثمئة الشمسيةُ ثلاثمئة وتسعٌ قمريةٌ".
ولقد صدَق اللهُ إذْ يقول: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لذكرى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السمع وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ [ق: ٣٧].
الأرض
الخسوف والكسوف
لقد توفِّي سيدنا إبراهيم، ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوَقَفَ النبيُّ ﷺ موقفَ الأبِ الرحيمِ الحاني، المؤمنِ بقضاء الله وقدره، الصابرِ لحكمه، الراضي بمشيئتِه، فعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: دَخَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ عَلَى أَبِي سَيْفٍ الْقَيْنِ وَكَانَ ظِئْراً لإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَم، فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِبْرَاهِيمَ فَقَبَّلَهُ، وَشَمَّهُ، ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللهِ ﷺ تَذْرِفَانِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: "يَا ابْنَ عَوْفٍ إِنَّهَا رَحْمَةٌ"، ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأُخْرَى، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ، وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلاَ نَقُولُ إِلاَّ مَا يُرْضِي رَبَّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ".


الصفحة التالية
Icon