عنه والسنة دلت على خلافه فقوله: وقد دلت السنة الخ جملة حالية مبينة لدفع هذا التوهم. قوله: (وكذا مفهوم قوله الله يفتيكم في الكلالة إن فسرت بالميث) إشارة إلى ما مرّ من الاختلاف في تفسيرها إذ حينئذ تكون الكلالة من لم يخلف ولداً ولا والداً، وأورد عليه أنّ التعرض لعدم الولد مع اشتمال مفهوم الكلالة على الوالد أيضاً يشير إلى أنّ المانع عن الإرث الولد لا الوالد، والا فتخصيصه بالنفي ليس بظاهر، وجوابه يعلم من الفرائض فإنه وقع الاتفاق عليه لكنه لا بد من نكتة لتخصيص! الولد بالنفي وما قيل إنه ذكر أحد الجزأين لينتقل الذهن منه إلى الجزء الآخر غير ظاهر فانظره. قوله: (الضمير لمن يرث بالأخوّة الخ) جواب سؤال مشهور، وهو أنّ الخبر لا بد أن يفيد غير ما يفيده المبتدأ، ولهذا لا يصح
سيد الجارية مالكها، وضمير التثنية دال على الاثنينية فلا فائدة في الأخبار باثنتين، وقد دفع بوجوه منها ما ذكره الأخفش من أنّ الأثنينية تدل على مجرّد التعدد من غير تقييد بكبر وصغر أو غير ذلك من الأوصاف فكأنه قيل إنهما يستحقان ما ذكر بمجرّد التعدد من غير اعتبار أمر آخر وهذا مفيد وردّ بأنّ ضمير التثنية يدل على ذلك أيضا فعاد السؤال.
وروى مكيّ عنه أيضا، وهو الذي ارتضاه الزمخشريّ، وتبعه المصنف رحمه الله بأنه
حمل على معنى من يرث وأنّ أصله، وتقديره إن كان من يرث بالأخوّة اثنتين، وان كان من يرث ذكوراً واناثا، وإنما قيل كانتا وكانوا المطابقة الخبر كما قيل من كانت أمك فأنت ضمير من لتأنيث الخبر كما ثني وجمع هنا وردّ بأنه غير صحيح، وليس نظير من كانت أمك لأنه صرح فيه بمن، وله لفظ، ومعنى فمن أنت راعي المعنى لأنه أم ومدلول الخبر فيه مخالف لمدلول الاسم بخلاف ما نحن فيه فإنّ مدلوليهما واحد ولم يؤنث في من كانت أمك لمرعاة الخبر إنما أنث لمعنى من إذ أريد بها مؤنث كما تقول من قامت، ولا خبر فيه، ولا يخفى وروده، وان قيل إنه تحامل عليه كما هو عادته، وقيل إنّ الخبر له صفة مقدرة بها تتم الفائدة أي فإن كانتا اثنتين من الأخوات ومثل ذلك جائز، وقيل اثنتين حال مؤكدة، والخبر محذوف أي له بدلالة قوله وله أخت عليه. قوله: (فنلب المذكر) بقرينة قوله رجالاً ونساء، وقيل هو اكتفاء. قوله: ( ﴿يبين الله لكم ضلالكم﴾ الخ) هذه الوجوه الثلاثة ذكرها قدماء المفسرين، وهي إبقاؤه على ظاهره، وتبيين الضلال والشر إرشاد إلى الهدى، والخير أو حذف مضاف أي كراهة أن تضلوا أو حذف الجارّ، ولا النافية ورجح الأوّل بأنه من حسن الختام، والالتفات إلى أوّل السورة وهو ﴿يا أيها الناس اثقوا ربكم﴾ فإنه أمرهم بالتقوى، وبين لهم ما كانوا عليه في الجاهلية، ولما تم تفصيله قال لهم إني بينت لكم ضلالكم فاتقوني كما أمرتكم فإنّ الشر إذا عرف اجتنب، والخير إذا عرف ارتكب، وقوله: (فهو عالم بمصالح العباد في المحيا والممات) إشارة إلى أنه عائد على ما مرّ من أمر الميراث، وما يتعلق بالأحياء، والأموات. قوله: (من قرأ سورة النساء الخ) هذا حديث موضوع مفترى على أني بن كعب رضي الله عنه كما ذكره
المحدثون ووجه تصدقه على كل وارث لأنه تلي ما يبنن الانصباء فكان له أجر ذلك وقوله: (وأعطى من الأجر كمن اشترى محرّرا) أي كأجر من اشترى عبداً ليحرّره فسماه محرّراً باعتبار المآل، وقوله: وبرئ من الشرك ليس معطوفاً على مدخول كإنما بل على مفهوم ما قبله أو على مقدر أي أعطاه الله هذا الثواب، وجعله بريئأ من الشرك، وآمناً من سوء الخاتمة وقوله: (وكان في مشيئة الله الخ) أي في تقديره وارادته معفوّا عنه مغفوراً له اللهم إنا نسألك حسن الخاتمة، والعفو والمغفرة، وأن توفقنا لفهم كلامك، وتشرح صدورنا بعوائد إحسانك وانعامك.
سورة المائدة
بسم الله الرحمن الرحيم
السورة مدنية إلا قوله: ﴿كملت لكم دينكم﴾ الخ فإنها نزلت في مكة، وفي عددها اختلاف فقيل مائة واثنان، وقيل ثلاث وعشرون. قوله: (الوفاء هو القيام بالعهد الخ) أي حفظ ما يقتضيه العهد، وهو يستعمل ثلاثياً، ومضاعفا، ومزيدا يقال وفى ووفي وأوفى بمعنى لكن في المزيد مبالغة ليست