في الصناعات، وما يزاول بالأعمال كالكتابة والخياطة ذهب الزجاج وتبعه غيره إلى أنّ الولاية لاحتياجها إلى تمرد وتدوب شبهت بالصناعة، فلذا جاء فيها الكسر كالإمارة، وهذا يحتمل أن الواضع حين وضعها شبهها بذلك فتكون حقيقة، ويحتمل كما في بعض شروح الكشاف أن تكون استعارة، كما سموا الطب صناعة لكنها وان كان التصرف فيها في الهيئة لا في المادة استعارة أصلية لوقوعها في المصدر دون المشتق، ومنه يعلم أن الاستعارة الأصلية قسمان ما يكون التجوّز في مادته وما يكون في هيئته، وقوله: كأنه بتوليه الخ، أي كأنّ صاحبه يزاول عملاً بتوليه أي يحاوله ويعالجه، وضمير كأنه للولي أو للشأن. قوله: (فواجب عليكم الخ) فسره به لأنّ على تدل عليه وهو مبتدأ أو خبر، وقوله وهو بمفهومه الخ لدلالة تعليق الحكم بالوصف، على أن موالاة بعض الكفار إنما تليق بالكفار، فعلى المؤمنين أن لا يوالوا إلا المؤمنين. قوله: (ألا تفعلوا ما أمرتم به الخ (وقيل: الضمير المنصوب للميثاق أو حفظه أو النصر أو الإرث، وعوده على جميعها أولى كما ذكره المصنف رحمه الله، وقيل إنه للاستنصار المفهوم من الفعل، وهو تكلف وتكن تامّة فاعلة فتنة، والفتنة إهمال المؤمنين المستنصرين بنا حتى يسلط عليهم الكفار وفيه وهن للدين،
وقراءة كثير بالمثلثة مروية عن الكسائي. قوله: (لما قسم المؤمنين الخ) أي إلى من آمن وهاجر، ومن لم يهاجر وأنصار، والذين حققوا الخ هم المهاجرون، والذين وقع منهم بذل المال ونصرة الحق هم الأنصار، وقوله ووعد لهم عطف على بين، وضمنه معنى ذكر فلذا عداه باللام. قوله: (لا تبعة له الخ) بيان لكرمه بأنه لا يطالب فيه ولا يمن، والإلحاق يشعر بأنهم دونهم رتبة، وهو كذلك، واختلف في قوله: (من بعد) فقيل بعد الحديبية وهي الهجرة الثانية، وقيل بعد نزول هذه الآية، وقيل بعد بدر، والأصح أنّ المراد والذين هاجروا بعد الهجرة الأولى، وقوله: (من الأجانب (متعلق بقوله بأولى، وهي من التفضيلية. قوله: (في حكمه أو في اللوح الخ) لأنّ كتاب الله يطلق على كل منها، وليس المراد بالقرآن آية المواريث، لأنه لا يناسب ما بعده، بل المراد هذه الاية وفيه تأمل. قوله: (واستدل به على توريث ذوي الأرحام) لأنّ هذه الآية نسخ بها التوارث بالهجرة، ولم يفرق بين العصبات وغيرهم، فهو حجة في إثبات ميراث ذوي الأرحام الذين لا قسمة لهم ولا تعصيب، وبها أيضا احتج ابن مسعود رضي الله عنه على أنّ ذوي الأرحام أولى من مولى العتاقة، وخالفه سائر الصحابة رضوان الله عليهم، وإنما يصح الاستدلال إذا لم يكن المراد بكتاب الله تعالى آيات المواريث السابقة في سورة النساء، ولذا أشار المصنف رحمه الله إلى ضعف الاستدلال المذكور. قوله: (من الموارث والحكمة في إناطتها بنسبة الإسلام) المراد أخوة المهاجرة التي كان بها التوارث، واعتبار القرابة ثانياً، أي نسخ ذلك ثم حصر التوارث في اننسب الحقيقي. قوله: (من قرأ سورة الأنفال الخ) (١) هذا الحديث موضوع من جملة الحديث المشهور الذي ثبت وضعه، (تتم) تعليقنا على سورة الأنفال، اللهم اجعلنا ببركتها ممن غنم رضاك، وفاز بجزيل عطاياك، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
سورة براءة
قوله: (مدنية) أي الاتفاق إلا الآيتين المذكورتين وفي كتاب العدد للداني ما يخالفه. قوله: (وهي آخر ما نزل الخ) كما اختلف في أوّل نازل اختلف في آخره أيضا، فقيل هو هذه السورة، وقيل سورة المائدة، وآخر آية نزلت: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ﴾ [سورة النساء، الآية: ١٧٦] وفي كونها آخراً مع تعلقها بالموت اتفاق عجيب، وقوله: أسماء أخر أي غير سورة براءة، وأسماؤها كلها بصيغة الفاعل إلا البحوث بفتح الباء، فإنه صيغة مبالغة بمعنى اسم الفاعل، وقد ذكر المصنف رحمه الله معناها، ووجه التسمية بها على اللف والنشر بقوله- لما فيها الخ، وسكت عن التصريح بتعليل التسمية بالمبعثرة كما قيل وليس كذلك لأنها بمعنى المثيرة كما يشير إليه كلامه من تدبر، وعن المنقرة والتسمية بسورة العذاب لفهم الأؤل من تعليل التسمية بالبحوث والمثيرة، والثاني من تعليلها بالمدمدمة. قوله: (لما فيها من التوبة الخ) بيان لوجه التسمية بما ذكر، وأشار بما فيها من التوبة إلى