بعضهم هذا البيت وفيه كلام ليس هذا محله. قوله: (فيكون بمعنى التناول من بعد) يعني إذا كانت الهمزة أصلية يكون معنى التناوس التناول من بعد على الوجه الأخير كما في الكشاف لأن الأخير أو ما فات يقتضيه أو عليهما لأنّ الطلب لا يكون للشيء القريب منك الحاضر عندك فيكون قوله من مكان بعيد تأكيد، وأمّا تجريده لمطلق التناول وان صح فعبارتهما تأباه، وما قيل من أنّ البعد هنا زماني أي بعدما فات وقنه ليجمع بين بعد الزمان والمكان غير صحيح لأنّ المستعار منه إنما هو في المكان وما ذكره من أحوال المستعار له وأمّا كون بعد في العبارة بفتح الباء، والجرّ بمعنى متأخر فلا ينبغي أن يلتفت إليه لما فيه من التعسف الغنيّ عن البيان. قوله: (وقد كفروا به) حال أو معطوف أو مستأنف والأوّل أقرب، وقوله يرجمون تفسير ليقذفون وقد سبق بيانه قريباً، وقوله بالظن بمعنى المظنون تفسير للغيب بمعنى الغائب فيكون معنى يقذفون بالغيب يتكلمون بما لم ينشأ عن تحقيق ويظهر لهم فلا ينافي كون قوله بما لم يظهر تفسيراً له لأنه بيان لأنّ الظن ما كان عن تخمين وعدم تثبت فقوله يتكلمون بما لم يظهر تفسير لقوله يرجمون بالظن، وقوله في الرسول أو في العذاب لف ونشر مرتب لقوله بمحمد أو بالعذاب، وقوله من جانب بعيد يعني المراد بالمكان البعيد الجهة البعيدة والحال التي لا تناسب وما تمحلوه في الرسول قولهم رجل يريد أن يصدّكم الخ ونحوه وفي
الآخرة قياسها على الدنيا وظن الأموال والأولاد تفيد فيها كما حكاه عنهم سابقاً في قوله، وما نحن بمعذبين الخ. قوله: (ولعله) أي قوله ويقذفون الخ استعارة تمثيلية بتشبيه حالهم في ذلك أي في قولهم آمنا حيث لا ينفعهم بحال من رمى شيئا من مكان بعيد وهو لا يراه فإنه لا يتوهم إصابته ولا لحوقه لخفائه عنه وغاية بعده فباء بالغيب بمعنى في أي في محل غائب عن نظره أو للملابسة، وقوله وقرئ يقذفون أي ببناء المجهول وفاعله الشياطين وقذفهم به إلقاؤه عليهم وتلقينهم له، وقوله والعطف الخ أي على هذا يقذفون معطوف على قد كفروا وعبر بالمضارع لما ذكر فيكون هذا مما وقع في الدنيا فإن عطف على قالوا فهو تمثيل لحالهم في الآخرة وتلفظهم بالإيمان بعدما فات زمانه وضاع، وقوله في تحصيل الخ متعلق بحالهم وحيل مبنيّ للمجهول ونائب الفاعل ضمير المصدر أي وقعت الحيلولة وتقدم نظيره، والإشمام هنا بمعنى الروم ومن قبل متعلق بفعل أو بأشياعهم. قوله: (موقع في الريبة الخ) حاصله أنه إمّا من أراد به أوقعه في ريبة وتهمة فالهمزة للتعدية أو من أراب الرجل أي صار ذا رببة وهو مجاز إمّا بتشبيه الشك بإنسان على أنه استعارة مكنية وتخييلية أو على أنه إسناد مجازيّ أسند فيه ما لصاحب الشك للشك للمبالغة فتأمّله. قوله: (من قرأ الخ (هو حديث موضوع ومصافحة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ومرافقتهم لذكرهم وأحوالهم فيها تمت السورة والحمد لله رب العالمين، وأفضل صلاة وسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
سورة فاطر

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله: (وآيها خمس وأريعون) أي بمدّ الهمزة جمع آية وقال الدأني رحمه الله في كتاب العدد هي أربعون ويست آيات في المدني الأخير والشامي وخمس في عدد الباقين. قوله: (مبدعهما من الفطر الخ) يعني أن المراد به الإبداع وهو الإيجاد من غير سبق مثل ومادة، وقد كان أصل معناه الشق، ثم تجوّز به عما ذكر وشاع فيه حتى صار حقيقة أيضاً ثم إنه بين المناسبة بين المعنى الأوّل والثاني بقوله كأنه الخ وأشار بقوله كأنه إلى أنّ شق العدم ليس على حقيقته فإنّ الشق يختص بالأجسام لكنه أورد عليه أنّ في شق العدم متعلق الشق ليس السموات، وهو المذكور في المنقول إليه ولا مجال لجعله مجازاً في النسبة أو تكلف مجاز الحذف والإيصال فيه كما قيل فلا مناسبة بين ما جعله أصلا وما أريد به، وأمّا ما قيل من أنه لا مانع من حمله على أصله وهو الشق هنا ويكون إشارة إلى الأمطار والنبات ونزول الملائكة فليس بشيء لأنّ الأمطار لا معنى لكونها شاقة للسماء، ولأنّ معنى الشق لا يناسب في مثل فطر الناس وكذا حمله على شق السماء، ونسف الأرض


الصفحة التالية
Icon