أراد أنه اختص بالأربعة المذكورة، ونبينا ﷺ لغلبته عليهم، وسكت عن ذكر خاتمتهم لأنه المقصود هنا ولك أن تقول إنّ هذا من إيجازه البديع، وهو جار على القولين أما على الأوّل فلأنه لم يرد الحصر فيمن ذكر بدليل قوله مشاهيرهم، وكاف التشبيه في قوله: كنوح الخ. وأمّا على الثاني فيصح الحصر لأنّ اشتهارهم بذلك يخصه بهم عند الإطلاق كما في الأعلام الغالبة حيث اختصت بمن اشتهر بها حتى صارت كالعلم الوضعيّ. قوله. (اجتهدوا) جملة مستأنفة لبيان وجه التسمية، وهم على هذا خمسة كما قيل:
أولو العزم نوح والخليل الممجد وموسى وعيسى والنبيّ محمد
قوله: (كنوح الخ الما كان البلاء معهوداً، وغير معهود بواسطة، وبدونها ممتدا، وغير
ممتد أشار إلى ما ابتلاهم الله به من أنواعه والذبيح إسماعيل أو إسحاق كما مز، وقوله. والبصر تقدم أن الصحيح إنه لم يعم، وأنما ضعف بصره، وقوله: لم يضع لبنة على لبنة أي لم يبن بناء قط، وما ذكره من قصة موسى تقدم بيانه، وفي قوله استقصروا الخ إشارة إلى أن لبثهم المراد به مدّة عمرهم أو مكثهم في الدنيا. قوله: (بلاغ) قرئ بالرفع، والنصب والجرّ، ومعناه إمّا التبليغ أو الانقياد أو الكفاية فعلى الرفع هو خبر مبتدأ مقدر تقديره هذا الذي الخ. كما أوضحه المصنف، وقوله: أي كفاية الخ على التقديرين فالوجوه أربعة. قوله: (ويؤيده (أي يؤيد إنه بمعنى التبليغ إنه قرئ بصيغة الفعل من التبليغ على أنه أمر له فإنه قرئ به أو فعل ماض من التفعيل فإنه قراءة أيضاً، وكلاهما من الشواذ، وتاييده ظاهر لأنه من التبليغ. قوله:) وقيل
بلاغ) في قراءته بالرفع مبتدأ خبره قوله لهم السابق فيوقف على قوله ولا تستعجل، ويبتدئ بقوله لهم بلاغ، وما بينهما من التشبيه معترض بين المبتدأ والخبر وهو ضعيف جدّاً لما فيه من الفصل، ومخالفة الظاهر لأنّ الظاهر تعلق لهم بتستعجل، ولهذا مرضه المصنف، وقوله: وقت يبلغون إليه لأنّ البلاغ، والبلوع يكون بمعنى الانتهاء إلى أقصى الأمر، والمنتهى زمانا كان أو مكاناً كما قاله الراغب: وقوله كانهم الخ إشارة إلى أنه معترض للتأكيد فإنّ استقصارهم للماضي لما شاهدوه من الهول الحاصل، وقوله: بلغوا لو قدر أمراً على وفق القراءة السابقة كان أحسن كما قيل. قوله: (الخارجون الخ) تقدّم أنّ أصل معناه الخروج عن الطاعة، وفي يهلك لغات تقدمت، وقوله من قرأ الخ حديث موضوع، وخص الرملة لأنها معنى الأحقاف كما مرّ تمت سورة الأحقاف بحمد الله ومنه، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وا-له وصحبه أجمعين.
سورة محمد صلى الله عليه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله: (وهي مدنية (على الأصح، ولا إجماع فيه كما قاله ابن عطية فإنه روى خلافه عنابن عباس، وبعض الصحابة فلا وجه لدعوى الإجماع، وقيل إلا قوله، وكأين من قرية الخ، وقوله: وآيها جمع آية سبع بالباء التحتية، وفي نسخة تسع بالتاء الفوقية، وهو الأصح كما في كتاب العدد للداني، وقيل: أربعون، والخلاف في قوله: حتى تضع الحرب أوزارها، وقوله: لذة للشاربين. قوله: (امتنعوا عن الدخول في الإسلام) صد صدودا وصدا لازم، ومتعدّ وأصده لغة فيه، والى الأوّل أشار بقوله: امتنعوا، وقوله: سلوك طريقه الضمير للدخول أو للإسلام، وهو الأظهر لا لله لبعده، وقوله: أو منعوا الناس إشارة إلى الثاني، وعلى الوجهين اتصاله بما قبله في آخر السورة ظاهر، وهو أنه كالمؤكد لقوله: كفروا عليهما لا على البدل فقط كما قيل إذ لا وجه له. قوله: (كالمطعمين يوم بدر (من المشركين فإنهم بإعانتهم لمن أتى لمنع المسلمين عن الجهاد، والغنائم كانوا صادّين بأنفسهم، وأموالهم فصدهم أعظم من صذ غيرهم ممن كفر، وصدّ عن السبيل، وخص بدرا والمراد به الكبرى لأنها أوّل وقعة فيها القتل، والفداء فلا غبار عليه إنما الكلام فيهم فالذي رويناه في سيرة ابن سيد الناس أنّ أوّل من نحر لهم حين خرجوا من مكة أبو جهل لعنه الله نحر عشرا من الإبل، ثم صفوان