(وفي سياق الآية لطف الخ الما فيها من النكت إذ سمي ما أحدثوه إسلاما تكذيبا لهم في قولهم: آمنا في معرض الامتنان، ثم أمره أن يجيبهم بأنهم كاذبون وأضاف ما أتوا به إليهم في قوله: إسلامكم إشارة إلى أنه أمر غير معتد به فلا يليق الامتنان به، وتمام الحسن في التذييل الدالّ على كذبهم، وعلى اطلاعه على خواص عباده من النبيّ ﷺ وأتباعه، وقوله: فنفى جواب لما وهو قد يقترن بالفاء كما في التسهيل فليست الفاء زائدة فيه كما قيل. قوله: (وسماه إسلاماً الخ) كان عليه أن يقول، وبين أنهم ليس لهم أن يمنوا به ليظهر معه قوله: بأن قال الخ والأمر فيه سهل، وقوله في الحقيقة: إسلام أي انقياد ودخول في السلم، وقوله: وليس بجدير أن يمن بالبناء للمجهول والنائب عن فاعله قوله عليك، وأنما كان كذلك لأنه لعدم مواطأته القلب غير معتدّ به شرعا، وقوله: بل لو صح الخ من كلام المصنف ابتداء لا مقول القول وقوله: في سركم وعلانيتكم أخذه من ذكره عقب الغيب، وقوله: لما في الآية من الغيبة أي من ذكره هؤلاء بضمير الغيبة وما هو في حكمه كقوله: يمنون ونحوه، والحديث المذكور موضوع ومعناه ظاهر تمت السورة الشريفة فلفه الحمد على جزيل الأنعام وعلى سيدنا محمد وآله وصحبه أفضل الصلاة والسلام.
سورة ق قيل وتسمى سورة الباسقات

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله: (مكية) قيل: بالإجماع، ويرد عليه أنه روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه استثنى منه قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ [سورة ق، الآية: ٣٨] إلى قوله: لغوب لأنها نزلت في اليهود كما أخرجه الحاكم ونقله في الاتقان ولا خلاف في عددها. قوله: (الكلام فيه كما مرّ في ص) يعني من وجوه القراآت وكون الواو قسمية أو عاطفة وكونه تجريداً على نهج مررت بزيد والنسمة المباركة وكونه من الحروف المقطعة أو اسم للسورة أو القرآن لا في كونه فعل أمر لأنه وجه مرجوح لا يلتفت إليه، وأمّا كونه أمراً من قفاه إذا اتبع أثره على أنه أمر معناه اتبع القرآن، وأعمل بما فيه فلا وجه له لأنّ مثله لا يقال بالرأي فلا وجه لذكره، وتوهم جريانه هنا كما قيل وكذا ما قيل إنه أمر بمعنى قف. قوله: (والمجيد ذو المجد والشرف الخ) يعني أنّ المعروف وصف الذوات الشريفة به فوصف القرآن به إمّا على النسب كلاين وتامر وأورد عليه أنه غير معروف في فعيل كما قاله ابن هشام في أنّ رحمة الله قريب وشرفه على هذا بالنسبة لسائر الكتب أمّا غير الإلهية فظاهر وأمّا الإلهية فلإعجازه، وكونه غير منسوخ بغيره. قوله. (أو لأنه كلام المجيد) يعني أنه وصف بوصف قائله على أنه مجاز في الإسناد كالقرآن الحكيم، وقوله: أو لأنّ من علم معانيه الخ هو أيضاً من الإسناد المجازي لكنه وصف بوصف حامله أو هو بتقدير مضاف حذف فارتفع الضمير المضاف إليه أو فعيل فيه بمعنى مفعل كبديع بمعنى مباع لكن الوجه الأوّل أولى لما قدمناه من أنّ مجيء فعيل، وصفا من الأفعال لم يثبته أهل اللغة والعربية كما مرّ تفصيله، وقيل المجد سعة الكرم وصف به القرآن لما تضمنه من خير الدارين. قوله: (إنكار لتعجبهم مما ليس بعجب) الإنكار مأخوذ من السياق، والتعجب
مما ليس بعجب بل مما هو أمر لازم لا بد منه والإضراب للانتقال من وصف القرآن بالمجيد إلى إبطال تعجبهم مما ليس بعجب. قوله: (أحد من جنسهم أو من أبناء جلدتهم) يعني أنّ من بيانية والمراد بكونه منهم أنه من جنس البشر أو العرب، ومعنى كونه من أبناء جلدتهم أنه من نوعهم أو قبيلتهم أو ديارهم فالجلدة مستعارة لما ذكر يقال: فلان أشعر جلدته وأشعر أهل جلدته أي قبيلته فهي أخص من الجنس كما هو معروف في استعمال البلغاء. قوله: (حكاية لتعجبهم) فالفاء لتفصيل ما أجمل كقوله تعالى: ﴿وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ﴾ [سورة هود، الآية: ٤٥] فقال: رب الخ، وقوله: للإشعار بتعنتهم الذي اشتهر في النسخ أنه بنون مشددة ومثناة فوقية تفعل من العنت وهو اللجاج في العناد، وفي نسخة بتعينهم بالياء التحتية والنون والمعنى على الأولى أنه ذكر أولاً مضمرا بياناً لعنادهم لإنكاوهم وتعجبهم مما لا ينكر، ثم أعيد تسجيلا عليهم


الصفحة التالية
Icon