عنه والفتح قراءة الباقين، ويحتمل أنه اسم زمان وما ذكره المصنف بيان لحاصل المعنى لأنّ قياس مفعل مما ضمت عين مضارعه أو فتحت فتح العين مطلقاً كما بينه النحاة فلا حاجة للتقدير فيه على هذه القراءة وأمّا على قراءة الكسر فهو شاذ أيضا لأنّ قياسه الفتح، ولا حاجة إلى التقدير فيه أيضاً لتكلفه وعلى كل حال ففي كلام المصنف نظر لا يخفى، والحديث الذي ذكره موضوع كغيره تمت السورة والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه الكرام.
سورة البينة
ويقال سورة القيامة وسورة المنفكين وسورة البرية وسورة البينة وعدد آياتها ثمان، وقيل:
تع واختلف فيها فقيل: مكية، وقيل: مدنية وأيد الثاني بما ورد في الحديث من أنها لما نزلت قال جبريل للنبيّ صلى الله عليه وسلم: " إنّ الله يأمرك أن تقرئها أبيا "، ولذا جزم ابن كثير رحمه الله بأنها مدنية وهو الأصح خلافا لمن رجح مقابله.

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله: (فإنهم كفروا بالإلحاد الخ) بيان لوجه تسمية أهل الكتاب كفارا قبل النبيّ ﷺ مع إيمانهم بكتابيهم ونبييهم بأنهم عدلوا عن الطريق المستقيم في التوحيد فكفروا بذلك فإنه قيل: إنّ اليهود مجسمة فيفهمون من السمع والرؤية في حقه تعالى ما يكون بالجارحة، وكذا النصارى لقولهم: بالتثليث وهذا يقتضي كفر جميع أهل الكتاب قبل النبيّ صلى الله عليه وسلم، والظاهر خلافه، ولذا قال الماتريدي في التأويلات. إنّ من تبعيضية لأنّ أهل الكتاب منهم من آمن ومنهم من كفر والملكانية من الصارى قيل إنهم على الاعتقاد الحق، وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنّ المراد بأهل الكتاب اليهود الذين كانوا بأطراف المدينة وهم قريظة والنضير وبنو قينقاع فالظاهر أنّ من لك للتبعيض لا للتبيين، ولا يلزمه أن لا يكون بعض المشركين كافرين كما قيل لأنهم بعض من المجموع فتأمّل. قوله: (وعبدة الآصنام) المشركون من اعتقد لله شريكا صنما أو غيره والمصنف خصه مع عمومه لأنّ مشركي العرب عبدة أصنام، والمقصود هنا هم ولو عممه كان أولى. قوله: (عما كانوا عليه من دينهم الخ) متعلق بقوله: منفكين، والانفكاك المراد به المفارقة لما كان متصفا به، وأصله افتراق الأمور الملتحمة وقد حمله المصنف على ظاهره من أنهم لا يفارقون ما هم عليه حتى يحبهم الرسول أو ما ذكرا ولم يفارقوا الوعد إلى ذلك الأوان والزمخشري جعله حكاية لما زعموه فإنهم كانوا يقولون لا نفارق ما نحن فيه حتى يبعث الله النبيّ المبشر به في كتبنا، وقوله: وما تفرّق الذين الخ إلزام لهم على سبيل التوبيخ، والتعبير والمصنف جعلهما إخبارا كما قيل، وقيل: إنّ الثاني مآله للحكاية، وله وجه وجيه
فتدبر والذي دعا الزمخشريّ إلى كونه حكاية ما في الغاية من الإشكال فإنها تقتضي أنهم بعد مجيء البينة انفكوا عن كفرهم، وهو مخالف للواقع فإذا كان حكاية لزعمهم تمّ وانتظم، وأما على ما ذكره المصنف فيحتاج إلى بيان أنّ المراد أنهم بعد مجيء البينة وتبيين نسخ دينهم ينفكون عن دينهم حقيقة، ولما فيهما من الخفاء لأنه ليس في الكلام ما يدلّ على أنه حكاية، ولا على ما ذكر قال الواحدي إنها أصعب آية في القرآن، ولولا ما ذكر لم تتضح الصعوبة فافهم ترشد. قوله: (فإنه مبين للحق) توجبه لإطلاق البينة على كل منهما بأنها صفة بمعنى اسم الفاعل، وقوله: أو معجز الخ تفسير آخر على أنّ البنية بمعناها المعروف، وهو المثبت للمدّعي فالمراد بها حينئذ الأمر المعجز وهو إمّا في ذات الرسول عليه الصلاة والسلام بأخلاقه وصفاته كلها أو مجموعها الخارق للعادة كما قاله الغزالي واليه أشار في البردة بقوله:
كفاك بالعلم في الأمّيّ معجزة في الجاهلية والتأديب في اليتم
وبه يعلم كونه ﷺ يتيما، وقيل: إنه لئلا يكون لمخلوق عليه منة وأو في كلام المصنف
في قوله: أو القرآن الخ الخلوّ أو للتخيير في التفسير وفي قوله، أو معجز لمنع الجمع لتباينهما لا لمنع الخلوّ كما توهم ومعجز


الصفحة التالية
Icon