الحجج القيمة. قوله تعالى: ( ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ﴾ ) الشرك يطلق على مطلق الكفر كما في قوله: ﴿إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ﴾ [سورة النساء، الآية: ٤٨] الخ ولذا استدل بهذه الآية على خلود الكفار مطلقا، ولا حاجة إليه فإنّ هذه الآية صريحة في العموم، ويكون الشرك أخص من الكفر وهو المراد هنا. قوله: (أي يوم القيامة) يعني أنّ قوله: في نار جهنم المراد به سيصيرون فيها لكنه لتحققه ترك التصريح به أو يقدر متعلقه بمعنى المستقبل فهو بمعناه الحقيقي، وقوله: أو في الحال يعني المراد أنهم في حال كفرهم في الدنيا في النار على التجوّز في النسبة أو في الطرف بإطلاق نار جهنم على ما يوجبها مجازاً مرسلاً بإطلاق اسم المسبب على السبب، ويجوز أن يكون استعارة. قوله:) واشتراك الفريقين الخ) جواب عن سؤال مقدر تقديره إنّ كفر المشركين أشذ من كفر أهل الكتاب ومقتضى الحكمة أن يزاد عذاب من زاد كفره على عذاب غيره، وقد سوى بينهما في هذه الآية بحسب الظاهر ولا شبهة في تفاوت الكفر كما توهم. قوله: (أي الخليقة الخ) قرأ نافع وابن ذكوان البريثة بالهمز فيهما، والباقون بياء مثذدة واختلف فيه، فقيل الأصل فيه الهمزة وعليه كلام المصنف من برأ الله الخلق بمعنى ابتدأهم واخترع خلقهم فهي فعيلة بمعنى مفعولة، والتزم تخفيفها عامة العرب كالذرّية وغيرها، وقيل: إنه غير مهموز من البر المقصور بمعنى التراب فهو أصل بنفسه والقراءتان مختلفتان أصلا، ومادة متفقتان معنى فلا يتوهم أنه يلزم انّ القراءة بالهمز خطأ كما قيل وقد يقال: إنّ المعنى متقارب لشمول الأوّلط الملائكة دون الثاني فتأمّل. قوله: (فيه مبالغات) يعني خلا عنها عديله وبينها بقولى: تقديم المدح الخ والمراد بالمدح قوله: أولئك هم خير البرية لا قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ﴾ الخ لوقوع مثله في عديله، وقوله: في مقابلة ما وصفوا به من الإيمان والعمل الصالح والخيرية أيضا ووقوعه في مقابلته، لا ينافي كونه تفضلاً من الله والمبالغة في إظهار ما ذكر
والتصريح به والا فنار جهنم في مقابلة كفرهم أيضا وقوله: والحكم الخ ظاهره أنّ عند ربهم خير وهو جائز وإفادته للمبالغة لأنّ ما كان عند مليك مقتدر وسيد متفضل يكون إكراما عظيماً ووجه الجمع والتقييد غني عن البيان. قوله: (ووصفا بما تزداد لها نعيماً وتثيدا لخلود بالتأييد) ليس المراد بالوصف هنا النعت النحوي بل اللغوي لما مرّ من أنّ جنات عدن علم وكونها علماً هناك، ونكرة هنا كما قيل بعيد جدّا فجملة تجري حال لا صفة وفاعل تزداد ضمير الجنات ونعيما تمييز وجعل التأكيد من المبالغات دون الخلود لاشتراكهما في ذكره. قوله: (استئناف بما يكون لهم الخ) الظاهر أنه إخبار لا استئناف دعاء وإن جاز لأنّ الدعاء من الله بشيء معناه إيجاده مع زبادة التكريم لاستحالة معنى الدعاء الحقيقي عليه تعالى وأيضا يبعده عطف قوله: ورضوا عنه عليه كما لا يخفى والاستئناف نحوي ويجوز أن يكون بيانياً كأنه قنل لهم: فوق ذلك أمر آخر فأجيب بأن لهم ما تقرّبه عيونهم، ولا يلزم كونه للتعليل حتى يقال: يأباه قوله: ذلك الخ، ويجوز أن يكون خبرا بعد خبر أو حالاً بتقدير قد. قوله: (ذلك أي المذكور الخ) توجيه لأفراد اسم الإشارة وفيه إشارة إلى أن مجرّد الإيمان والعمل الصالح ليس موصلاَ إلى أقصى المراتب، ورضوان من الله أكبر بل الموصل له خشية الله ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء﴾ [سورة فاطر، الآية: ٢٨] ولذا قال الجنيد رحمه الله تعالى الرضا على قدر قوّة العلم والرسوخ في المعرفة فمن قال: إن الأظهر كون الإشارة لما يترتب عليه الجزاء من الإيمان والعمل الصالح فقد غفل عما ذكر وعن أنه لا يكون حينئذ لقوله: ذلك الخ كبير فائدة فتدبر. قوله: (فإنّ الخشية ملاك الأمر) المراد بالأمر السعادة الحقيقية والفوز بالمراتب العلية إذ لولا الخشية لم يترك المناهي والمعاصي، وكل من عرف الله لا بدّ أن يخشا. ولذا قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء﴾ [سورة فاطر، الآية: ٢٨] كما مرّ تحقيقه وقوله: من قرأ الخ حديث موضوع كما مرّت نظائره، تمت السورة بحمد الله والصلاة والسلام على رسوله وعلى آله وصحبه وسلم.
سورة الزلزلة
آيها تسع أو ثمان وهي مدنية وقيل: مكية ورجح الأوّل في الإتقان.