سورة العاديات
لا خلاف في عدد آياتها وإن اختلف في كونها مكية أو مدنية فذهب إلى كل قوم من السلف، وأيد الثاني بما رواه المصنف رحمه الله تعالى من أنه ﷺ بعث خيلاَ الخ كما رواه الحاكم رحمه الله تعالى.

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله: (أقسم بخيل الغزاة الخ) هذا يناسب كونها مدنية لأنه لم يكن الغزو إلا بعد الهجرة، ولذا نقل في الكشاف عن عليّ كرّم الله وجهه إنه لم يرتض هذا التفسير وفسرها بابل الحجاج لكنه لبعده عن اللفظ لم يذكره المصنف، وقوله: عند العدو أي الجري بيان لاتساق النظم مع بيان أن العاديات واويّ تصرف فيه وليس المراد بالصوت السهيل بل قولها: أج أج كما قاله ابن عباس رضي الله عنهما. قوله: (نصبه) أي ضبحاً بفعل مقدر من لفظه، وهو مفعوله المطلق أي تضبح أو يضبحن والجملة المقدرة حالية، وقوله: فإنها تدل بالالتزام فإذا ذكرت كانت في قوّة فعل الضبح فتعمل عمله، وقوله: بمعنى ضابحة لأنّ الأصل في الحال أن تكون غير جامدة فلذا أوّلها باسم الفاعل. قوله: (فالتي توري) إشارة إلى أن أل موصولة وأنّ القدح هو الضرب والصك المعروف والإبراء يترتب عليه لأنه إخراح النار، وايقادها كما أشار إليه المصنف وإيراؤها ما يرى من صدم حوافرها للحجارة، وتسمى نار الحباحب وكون المراد به الحرب كما قيل بعيد، وفي إعرابه الوجوه السابقة، ويجوز أن ينصب على التمييز أي المورى قدحها وهو أحسنها. قوله: (ينير أهلها على العدوّ) يقال: أغار على العدوّ إذا هجم
لم أجده عند الحاكم أخرجه الواحدي في أسباب النزول ٨٦٨ عن ابن عباس مرفوعا، وذكر. الهثمي في المجمع ٧ لم ١٤٢ وقال: رواه البزار وفيه حفص بن جميع وهو ضحعيف اهـ. وقال الحافظ في التقريب
ج١ص١٨٥: حفص بن جميع ضعيف. وذكره أبن حبان في المجروحين ١ / ٢٥٦. ولفظ الحديث " ان رسول الله ﷺ بعث خيلأ، فأسهب شهراً لم يأته منها خبر. فنزلت: ﴿وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا﴾ ضبحت بمناحرها، إلى آخر السورة. ومعنى أسهبت: أمعنت في ال! فوب، وهي: الأرض الوأسعة، جمع " شفب ".
بخيله عليهم بغتة لقتل أو نهب فالمغير صاحب الخيل وإسناده لها إما بالتجوّز في الإسناد أو بتقدير المضاف، ولا يصح التجوّز في الطرف لأنّ جمع المؤنث يأباه ولو أريد أصحابها كان حقيقة بتقدير الطوائف المغيرات فتأمّل. قوله: (في وقته) إشارة إلى أنّ نصبه على الظرفية، وقوله ة فهيجن لأن الإثارة تحريك الغبار ونحوه حتى يرتفع، وضمير به للوقت والباء ظرفية وفيه احتمالات أخر ككونه للعدو أو للإغارة لتأويلها بالجري ونحوه والأوّل أحسن فالباء سببية أو للملابسة، ويجوز كونها ظرفية أيضاً والضمير للمكان الدال عليه السياق، وذكر إثارة الغبار للإشارة إلى شدة العدو وكثرة الكر والفر وتخصيص الصبح لأنّ الغارة كانت معتادة فيه، والغبار إنما يظهر نهارا، وأثرن فعل معطوف على اسم وهو العاديات أو ما بعده لأن اسم الفاعل في معنى الفعل خصوصاً إذا وقع صلة وتخالفهما للتصوير في النفس، وفي الانتصاف وهو أبلغ من التصوير بالأسماء المتناسبة وبالمضارع بعد الماضي كقول ابن معد يكرب:
فإني قدلقيت الغول يهوي بشهب كالصحيفة صحصحان
فآخذه فاضربه فخرت صريعاً لليدين وللجران
ولا شذوذ فيه لأنه تابع فلا يلزمه دخول أل على الفعل فإنه ضرورة. قوله: (غبارا) هذا
هو المعروف، ولذا قدّمه وكونه بمعنى الصياح، ورد في قول عمر في النياحة ما لم يكن نقع أو لقلقلة على أحد التفاسير فيه فالمراد بالصياح صياح من هجم عليه، وأوقع به لا صياح المغير المحارب، وإن جاز على بعد فيه أي هيجن الصياح بالإغارة على العدوّ. قوله: (فتوسطن) إشارة إلى أن الثلاثيّ بمعنى التفعل كما قرك! به في الشواذ، وقوله: بذلك الوقت إشارة إلى أنّ الضمير للصبح فالباء ظرفية كما مرّ وكما إذا كان للمكان، وقوله: بالعدو فالضمير للمصدر المفهوم من العاديات والباء للسببية أو الملابسة أو هو للنقع والباء للملابسة أي توسطن الجمع ملتبساً به، أو هي للتعدية إن أريد أنها وسطت الغبار والجمع مفعول به على الوجوه كلها فقول المصنف ملتبسات به راجع للأخير لا للجميع على البدل كما توهم. قوله: (روي الخ) قيل إنه لم يرو في كتب الحديث المشهورة، وقوله: فنزلت أي تبشيرا له بظفر سريته، وقوله: ويحتمل الخ هذا من البطون والإشارات الصوفية وهو على هذا تمثيل مركب أو استعارات متعدّدة، وقوله: مثل أنواو القدس جمع مثال بفتحتين بالمثلثة أي صورها، وكونه بمثناة تحتية
كما في بعض النسخ بعيد وفي نسخة بدله مبدأ، وقوله: فوسطن الخ أي وصلن لمنازلهم وضمير به


الصفحة التالية
Icon