وعن معاذ رضي الله عنه أنه قال: من استظهر القرآن كانت له دعوة إن شاء الله يعجّلها لدنياه، وإن شاء لآخرته (١).
والقرآن رحمكم الله أعظم قدرا عند الله تعالى من أن تصفه ألسنة الواصفين وإن أطنبوا ويبلغوا منه إلى غاية في التعظيم وإن/ أسهبوا، أو يستطيع الركوب تحمل ما يغشاها منه إلا بما حجب الله عنها، ولم يكشفه لها، رفقا من الله تعالى بأقوام قد رآهم له أهلا فأظهر لهم ما شاء على علمه بقدر ما جعله منهم من القوة على حمله، وهلاكا لأقوام لم يرهم للانتفاع به، قال الله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً (٢).
وقد نحلت لكم أرشدكم الله نصحي، وأوردت مما يغشى عليه إشفاقي وشحي ما أرجوه أن أكون قضيت به ما عليّ، وبلغت به عذرا فيما توجه من نصحتكم إليّ، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب، وهو السميع القريب، المجازي المنيب.
[ذكر جملة من الأسانيد]
ثم إن الشيخ الإمام الفاضل المقرئ، المتقن المجود المحقق، الحافظ اللافظ، الذكي الفهم، شمس الدين فخر المحصلين، زين المقرئين، جمال المجودين، أبا عبد الله بن الشيخ الإمام العالم المتقن المحقق، شهاب الدين أحمد أبي علي الجزري الحموي الشافعي لما أشرب محبة العلم فؤاده، وتوالى إلى تكراره وترداده، واجتهد في الطلب فأتم اجتهاده، وسمع هذه المناقب الشريفة، ولمح هذه المراتب المنيفة، وتحقق أن بساحة العلوم تلتقي أطراف معاني الفضائل، وبفنائه ينتظم عقود مناصب الوسائل، وأنه حجة الله العليا، ومحجته العظمى، ومورث النبوة، ومنصب الرسالة، وحكم وتيقّن أن كتاب الله العزيز ووحيه المجيد ينبوع العلوم ومنشؤها، ومفتاح الفوائد/ ومبدؤها أهوى إلى علومه إهواء الكوكب الساري، وبادر إلى تحصيل فنونه
(٢) سورة الإسراء، الآية ٨٢.