سُورَة النَّحْل
قَالَ الله تَعَالَى: ﴿وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥) وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (١٦)﴾ [النحل: ١٥، ١٦]
هَذِه الْآيَة شَبيهَة بِآيَة الرَّعْد الَّتِي سبق ذكرهَا قَرِيبا وَمَعَ ذَلِك نتكلم فِي تَفْسِيرهَا على وَجه الْإِجْمَال
معنى ﴿وَألقى فِي الأَرْض رواسي﴾ ألْقى جبالا ثوابت وَمعنى ﴿أَن تميد بكم﴾ أَي كَرَاهَة أَن تميد أَو لِئَلَّا تميد والميد اضْطِرَاب الشَّيْء الْعَظِيم وَوجه كَون الْإِلْقَاء مَانِعا من اضْطِرَاب الأَرْض بِأَنَّهَا كسفينة على وَجه المَاء على مَا سبق
وللرازي هُنَا أسئلة غامضة ذكرت مَعَ أجوبتها فِي تَفْسِير هَذِه الْآيَة من «روح الْمعَانِي»
و ﴿الْأَنْهَار﴾ سبق بَيَانهَا.
وَمعنى قَوْله: ﴿وعلامات﴾ أَنَّهَا معالم يسْتَدلّ بهَا السابلة من نَحْو جبل ومنهل ورائحة تُرَاب فقد حُكيَ أَن من النَّاس من يشم التُّرَاب فَيعرف بشمه الطَّرِيق وَأَنَّهَا مسلوكة أَو غير مسلوكة وَلذَا سميت الْمسَافَة مَسَافَة أخذا لَهَا من السوف بِمَعْنى الشم وَعَلِيهِ قَول الْقَائِل إِذا الدَّلِيل استاف أخلاف الطّرق وَقد بيّنت ذَلِك فِي «كتاب بُلُوغ الأرب» عِنْد الْكَلَام على علومهم.
وَعَن ابْن عَبَّاس أَنَّهَا معالم الطّرق بِالنَّهَارِ وَعَن الْكَلْبِيّ أَنَّهَا الْجبَال.