مراتب الخضوع، فلا يستحقها إلا المنعم بأعظم النعم، كالحياة والعقل والسمع والبصر. والثاني: أن العبادة الطاعة. والثالث: أنها التقرب بالطاعة. والأول أظهرها، لأن النصارى عبدت عيسى عليه السلام، ولم تطعه بالعبادة، والنبي ﷺ مطاع، وليس بمعبودٍ بالطاعة.
﴿اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين﴾ قوله عز وجل: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيم﴾ إلى آخرها. أما قوله: ﴿اهْدِنا الصِّراطَ المُسْتَقِيمَ﴾ ففيه تأويلان: أحدهما: معناه أرْشُدْنا ودُلَّنَا. والثاني: معناه وفقنا، وهذا قول ابن عباس. وأما الصراط ففيه تأويلان: أحدهما: أنه السبيل المستقيم، ومنه قول جرير:
(أَميرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى صِراطٍ | إذَا اعْوَجَّ الْمَوَارِدُ مُسْتَقِيم) |
(...................... فَصَدَّ عَنْ نَهْجِ الصِّرَاطِ الْقَاصِدِ)
وهو مشتق من مُسْتَرَطِ الطعام، وهو ممره في الحلق. وفي الدعاء بهذه الهداية، ثلاثة تأويلات: أحدها: أنهم دعوا باستدامة الهداية، وإن كانوا قد هُدُوا. والثاني: معناه زدنا هدايةً