والخامس: أنه اختلافهم في مواقف الحج، أيهم المصيب موقف إبراهيم، وهذا قول ابن زيد. والسادس: أن معناه ألاّ جدال في وقته لاستقراره، وإبطال الشهر الذي كانوا ينسؤونه في كل عام، فربما حجوا في ذي القعدة، وربما حجوا في صفر، وهذا قول أبي جعفر الطبري. وفي قوله تعالى: ﴿وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ تأويلان: أحدهما: تزوّدوا بالأعمال الصالحة، فإن خير الزاد التقوى. والثاني: أنها نزلت في قوم من أهل اليمن، كانوا يحجون ولا يتزودون، ويقولون: نحن المتوكلون، فنزلت فيهم: ﴿وَتَزَوَّدُوا﴾، يعني من الطعام.
﴿ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين﴾ قوله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِكُمْ﴾ روى ابن عباس قال: كان ذو المجاز وعكاظ متجرين للناس في الجاهلية، فلما جاء الإسلام تركوا ذلك، حتى نزلت: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِكُمْ﴾ وكان ابن الزبير يقرأ ﴿فِي مَواقِيتِ الْحَجِّ﴾. ﴿فَإِذَآ أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ﴾ فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: معناه فإذا رجعتم من حيث بَدَأْتُم. والثاني: أن الإفاضة: الدفع عن اجتماع، كفيض الإناء عن امتلاء. والثالث: أن الإفاضة الإسراع من مكان إلى مكان. وفي ﴿عَرَفَاتٍ﴾ قولان: أحدهما: أنها (جمع) عرفة. والثاني: أنها اسم واحد وإن كان بلفظ الجمع. وهذا قول الزجاج.