أحدها: أنهم كانوا إذا فرغوا من حجهم في الجاهلية جلسوا في منى حَلَقاً وافتخروا بمناقب آبائهم، فأنزل الله تعالى ذكره ﴿فَاذْكُرُواْ اللهَ كَذِكْرِكُمْءَابآءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً﴾، وهذا قول مجاهد، وقتادة. والثاني: أن معناه، فاذكروا الله كذكركم الأبناء الصغار للآباء، إذا قالوا: أبَهْ أُمَّه، وهذا قول عطاء، والضحاك. والثالث: أنهم كانوا يدعون، فيقول الواحد منهم: اللهم إن أبي كان عظيم الجفنة، عظيم القبّة، كثير المال، فاعطني مثل ما أعطيته، فلا يذكر غير أبيه، فأُمِرُوا بذكر الله، كذكرهم آباءهم، أو أشد ذكراً، وهو قول السدي. قوله تعالى: ﴿وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَآءَاتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الأَخِرَةِ حَسَنَةً﴾ فيها أربعة تأويلات: أحدها: أنه الحسنة العافية في الدنيا والآخرة، وهو قول قتادة. والثاني: أنها نِعَمُ الدنيا ونِعَمُ الآخرة، وهو قول أكثر أهل العلم. والثالث: أن الحسنة في الدنيا العلمُ، والعبادة، وفي الآخرة الجنة، وهو قول الحسن، والثوري. والرابع: أن الحسنة في الدنيا المال، وفي الآخرة الجنة، وهو قول ابن زيد، والسدي.
﴿واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون﴾ قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُواْ اللهَ فِي أيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ﴾ هي أيام منى قول جميع المفسرين، وإن خالف بعض الفقهاء في أن أشرك بين بعضها وبين الأيام المعلومات. ﴿فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلآَ إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ يعني تعجل النفْر الأول في اليوم الثاني من أيام منى. ﴿وَمَن تَأَخَّرَ﴾ يعني إلى النفْر الثاني، وهو الثالث من أيام منى. ﴿فَلآَ إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ وفي الإثم ها هنا، خمسة تأويلات: أحدها: أن من تعجل فلا إثم عليه في تعجله، ومن تأخر فلا إثم عليه في تأخره، وهذا قول عطاء.


الصفحة التالية
Icon