الرياء غير مُثَابٍ، لأنه لم يقصد وجه الله، فيستحق ثوابه، وخالف صاحب المَنِّ والأذى القاصِدَ وجه الله المستحق ثوابه، وإن كرر عطاءَه وأبطل فضله. ثم قال تعالى: ﴿فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ﴾ الصفوان: جمع صفوانة، وفيه وجهان: أحدهما: أنه الحجر الأملس سُمِّيَ بذلك لصفائه. والثاني: أنه أَلْيَنُ مِنَ الحجارة، حكاه أبان بن تغلب. ﴿فَأَصَابَهُ وَابِلٌ﴾ وهو المطر العظيم القَطْرِ، العظيم الوَقْع. ﴿فَتَرَكَهُ صَلْداً﴾ الصلد من الحجارة ما صَلُبَ، ومن الأرض مَا لَمْ ينبت، تشبيهاً بالحجر الذي لا ينبت. ﴿لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ﴾ يعني مما أنفقوا، فعبَّر عن النفقة بالكسب، لأنهم قصدوا بها الكسب، فضرب هذا مثلاً للمُرَائِي في إبطال ثوابه، ولصاحب المَنِّ والأَذَى في إبطال فضله.
﴿ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل والله بما تعملون بصير﴾ قوله تعالى: ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَلَهُمُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللهِ﴾ يحتمل وجهين: أحدهما: في نُصرة أهل دينه من المجاهدين. والثاني: في معونة أهل طاعته من المسلمين. ﴿وَتَثْبِيتاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ﴾ فيه أربعة تأويلات: أحدها: تثبيتاً من أنفسهم بقوة اليقين، والنصرة في الدين، وهو معنى قول الشعبي، وابن زيد، والسدي.