قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّيِنَ أَنْءَامِنُوا بِي... ﴾ في وحيه إلى الحواريين وجهان: أحدهما: معناه أَلْهَمْتُهُم أن يؤمنوا بي، ويصدقوا أنك رسولي، كما قال تعالى: ﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ﴾ [النحل: ٦٨]. والثاني: يعني ألقيت إليهم بالآيات التي أريتهم أن يؤمنوا بي وبك. وفي التذكير بهذه النعمة قولان: أحدهما: أنها نعمة على الحواريين أن آمنوا، فذكر الله تعالى به عيسى لأنهم أنصاره. الثاني: أنها نعمة على عيسى، لأنه جعل له أنصاراً من الحواريين قد آمنوا به. والحواريون: هم خواص عيسى عليه السلام الذين استخلفهم من جملة الناس. ﴿قَالُواءَامَنَّا﴾ يعني بالله تعالى ربك. ﴿وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ﴾ يحتمل وجهين: أحدهما: أنهم أشهدوا عيسى عليه السلام على إسلامهم بالله تعالى وبه. والثاني: أنهم أشهدوا الله تعالى بذلك على أنفسهم.
﴿إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين﴾