ثم قال: ﴿وُهُوَ الَّذِيِّ أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً﴾ في المفصَّل أربعة تأويلات: أحدها: تفصيل آياته لتبيان معانيه فلا تُشْكِل. والثاني: تفصيل الصادق من الكاذب. والثالث: تفصيل الحق من الباطل، والهدى من الضلال، قاله الحسن. والرابع: تفصيل الأمر من النهي، والمستحب من المحظور، والحلال من الحرام. وسبب نزول هذه الآية أن مشركي قريش قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: اجعل بيننا وبينك حَكَماً إن شئت من أحبار اليهود وإن شئت من أحبار النصارى، ليخبرنا عنك بما في كتابهم من أمرك، فنزلت عليه هذه الآية. قوله عز وجل: ﴿وَتَمَّتَ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً﴾ يعني القرآن، وفي تمامه أربعة أوجه محتملة: أحدها: تمام حُجَجِهِ ودلائله. والثاني: تمام أحكامه وأوامره. والثالث: تمام إنذاره بالوعد والوعيد. والرابع: تمام كلامه واستكمال صوره. وفي قوله: ﴿صِدْقاً وَعَدْلاً﴾ وجهان: أحدهما: صدقاً في وعده ووعهده، وعدلاً في أمره ونهيه، قاله ابن بحر. والثاني: صدقاً فيما حكاه، عدلاً فيما قضاه، وهو معنى قول قتادة. وقد مضى تفسير ﴿لاَّ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ﴾.
{وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما