﴿خَالِدِينَ فِيهَآ إِلاَّ مَا شَآءَ اللَّهُ﴾ في ﴿إِلاَّ﴾ في هذا الموضوع ثلاثة أوجه: أحدها: أنها بمعنى لكن، قاله سيبويه. والثاني: أنها بمعنى سوى، قاله الفراء. والثالث: أنها مستعملة على حقيقتها، وهو قول الجمهور. وفي هذا الاستثناء ثلاثة أقاويل. أحدها: أن مدة الاستثناء هي مدة العرض في القيامة وذلك ما بين بعثهم من قبورهم إلى حين مصيرهم إلى جهنم، فكأنه قال: النار مثواكم خالدين فيها إلا هذه المدة التي ذكرها، فإنهم فيها غير خالدين في النار. والثاني: معناه خالدين فيها إلا ما شاء الله من تجديد جلودهم بعد إحراقها وتصريفهم في أنواع العذاب أو تركهم فيها على حالتهم الأولى، فيكون الاستثناء في صفة العذاب لا في الخلود في النار. والثالث: أنه جعل أمرهم في مبلغ عذابهم ومدته إلى مشيئته تعالى، قاله ابن عباس، قال: ولا ينبغي لأحد أن يحكم على الله في خلقه، ولا ينزلهم جنة ولا ناراً.
﴿وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون﴾ قوله عز وجل: ﴿وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِِمِينَ بَعْضاً﴾ فيه خمسة تأويلات: أحدها: معناه وكذلك نَكِلُ بعضهم إلى بعض، فلا نعينهم، ومن سُلِبَ معونة الله كان هالكاً.


الصفحة التالية
Icon