والثالث: على ناحيتكم، قاله ابن عباس، والحسن. والرابع: على تمكنكم، قاله الزجاج. والخامس: على منازلكم، قاله الكلبي. ﴿إِنِّي عَامِلٌ﴾ يعني أنذركم من جزاء المطيع بالثواب، والعاصي بالعقاب. ﴿فَسَوفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونَ لَهُ عاقِبَةٌ الدَّارِ﴾ فيه وجهان: أحدهما: تعلمون ثواب الآخرة بالإيمان، وعقابها بالكفر ترغيباً منه في ثوابه وتحذيراُ من عقابه. والثاني: تعلمون نصر الله في الدنيا لأوليائه، وخذلانه لأعدائه، قاله ابن بحر.
﴿وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون﴾ قوله عز وجل: ﴿وَجَعَلُواْ لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيباً﴾.. ﴿مِمَّا ذَرَأَ﴾ مما خلق، مأخوذ من الظهور، ومنه قيل ملح ذُرْ أي لبياضه، وقيل لظهور الشيب ذُرْأَة، والحرث: الزرع، والأنعام: الإبل والبقر والغنم، مأخوذ من نعمة الوطء. وهذا إخبار منه عن كفار قريش ومن تابعهم من مشركي العرب، كانوا يجعلون لله في زروعهم ومواشيهم نصيباً، ولأوثانهم وأصنامهم نصيباً، فجعل الله أوثانهم شركاءهم؛ لأنهم قد أشركوهم في أموالهم بالنصيب الذي قد جعلوه فيها لهم، ونصيبهم في الزرع جزء منها يجعلونه مصروفاً في النفقة عليها وعلى خدامها. وفي نصيبهم من الأنعام ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه كنصيبهم من الزرع مصروف في النفقة عليها وعلى خدامها. والثاني: أنه قربان لأوثانهم كانوا يتقربون به إليها.