﴿وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ﴾ يعني ذكراً وأنثى. ﴿قُلُءَالذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ﴾ إبطالاً لما حرمته الجاهلية منها في البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحام. ﴿أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ﴾ يعني قولهم: ﴿مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَرْحَامِ خالصةً لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا﴾. ثم قال تعالى: ﴿وَمِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ﴾ يريد به ما أراده في الضأن والمعز وأن هذه الثمانية أزواج حلال لا يحرم منها شيء بتحريمكم. حكى أبو صالح عن ابن عباس أن هذه الآية نزلت على رسول الله ﷺ حين أتاه عوف بن مالك، فقال له: أَحَلَّلْتَ ما حرمه أباؤنا، يعني من البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحام، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وقال: ﴿ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ﴾ فسكت عوف لظهور الحجة عليه.
﴿قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم﴾ قوله عز وجل: ﴿قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً﴾ يعني أن ما حرموه من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام لم يحرمه الله تعالى ولا أوحى إليَّ بتحريمه، ثم بيَّن المحرَّم على وجه الاستثناء لأن نفي التحريم خرج مخرج العموم، فقال: ﴿إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً﴾ وهي التي خرجت روحها بغير ذكاة. ﴿أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً﴾ يعني مهراقاً مصبوباً ومنه سمي الزنا سفاحاً لصب الماء فيه ضائعاً، وقال طرفة بن العبد:
(إني وجدَّك ما هجوتك والأن... صاب يسفح فوقهن دم)
فأما الدم غير مسفوح فإن كان ذا عروق يجمد عليها كالكبد والطحال فهو حلال


الصفحة التالية
Icon