وفي أصله وجهان: أحدهما: أصله الظهور، من قولهم شاع الخبر إذا ظهر. والثاني: أصله الاتباع، من قولهم شايعه على الأمر إذا اتبعه، قاله الزجاج. ثم قال تعالى: ﴿لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾ فيه قولان: أحدهما: لست من قتالهم في شيء، ثم نسخها بسورة التوبة، قاله الكلبي. والثاني: لست من مخالطتهم في شيء، نَهْيٌ لنبيه ﷺ عن مقاربتهم، وأمر له بمباعدتهم، قاله قتادة، كما قال النابغة:
(إذا حاولت في أسد فجوراً
فإني لست منك ولست مني.)
﴿من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون﴾ قوله عز وجل: ﴿مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا﴾ في الحسنة والسيئة هنا قولان: أحدهما: أن الحسنة الإيمان، والسيئة الكفر، قاله أبو صالح. والثاني: أنه على العموم في الحسنات والسيئات أن جعل جزاء الحسنة عشر أمثالها تفضلاً، وجعل جزاء السيئة مثلها عدلاً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَبْعَدَ اللَّهُ مَنْ غَلَبَتْ وَاحِدَتُهُ عَشْراً). ثم في ذلك قولان: أحدهما: أنه عام في جميع الناس. والثاني: أنه خاص في الأعراب إذا جاء أحدهم بحسنة فله عشر أمثالها، فأما غيرهم من المهاجرين فلمن جاء منهم بحسنة سبعمائة، قاله ابن عمر، وأبو سعيد الخدري.
الصفحة التالية