والخامس: ما قاله ابن شهاب أن القرية التي كانت حاضرة البحر طبرية، والقرية التي قال فيها ﴿وَاضْرِبْ لَهَم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ﴾ [يس: ١٣]. أنطاكية. وسؤالهم عن هذه القرية إنما هو سؤال توبيخ على ما كان منهم فيها من سالف الخطيئة وقبيح المعصية. ﴿إذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ﴾ هو تعديهم فيه بفعل ما نهوا عنه. ﴿إِذْ تَأْتِيهِم حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِم شُرَّعاً﴾ فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أن معنى ﴿شُرَّعاً﴾ أي طافية على الماء ظاهرة، قاله ابن عباس، ومنه شوارع البلد لظهورها. والثاني: أنها تأتيهم من كل مكان، قاله عطية العوفي. والثالث: أنها شرّع على أبوابهم كأنها الكباش البيض رافعة رؤوسها حكاه بعض المتأخرين فتعدَّوا فأخذوها في السبت، قاله الحسن.
﴿وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين﴾ قوله عز وجل: ﴿فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُوا بِهِ﴾ نسوا يعني تركوا، والذي ذكروا به أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر. ﴿أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَونَ عَنِ السُّوءِ﴾ وهم الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر. ﴿وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ﴾ وهم الذين تركوا المعروف وفعلوا المنكر. ﴿بِعَذَابٍ بَئِيَس﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: شديد، قاله مجاهد. والثاني: رديء، قاله الأخفش. الثالث: أنه العذاب المقترن بالفقر وهو البؤس.