أحدهما: أنه أخرجهم كالذر وألهمهم هذا فقالوه، قال الكلبي ومقاتل: وذلك أن الله مسح ظهر آدم بين مكة والطائف فخرج من صفحة ظهره اليمنى ذرية كالذر بيض، فهم أصحاب الميمنة. وخرج من صفحة ظهره اليسرى ذرية كالذر سود، فهم أصحاب المشأمة، فلما شهدوا على أنفسهم جميعاً من آمن منهم ومن كفر أعادهم. والثاني: أنه أخرج الذرية قرناً بعد قرن وعصراً بعد عصر. وفي ﴿وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِم أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ﴾ قولان: أحدهما: هو أنه دلهم على أنفسهم بما شهدوه من قدرته، قاله بعض المتكلمين. والثاني: هو إشهادهم على أنفسهم بما اعترفوا من ربوبيته ووحدانيته. وفيه على التأويل قولان: أحدهما: أنه قال ذلك للآباء من بني آدم حين أخرج من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم ليعلمهم أنه خلق ذرياتهم بعد أن لم يكونوا كان هو الخالق لهم لأنهم كانوا ذرية مثلهم لمن تقدمهم كما صار هؤلاء ذرية لهم فاعترفوا بذلك حين ظهرت لهم الحجة، قاله ابن بحر. والقول الثاني: أنه قال ذلك للذرية حين أخذهم من ظهور آبائهم، وهذا قول الأكثرين فعلى هذا فيه قولان: أحدهما: أنه قال لهم: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ﴾ على لسان الأنبياء بعد أن كملت عقولهم. والثاني: أنه جعل لهم عقولاً علموا بها ذلك فشهدوا به على أنفسهم. وفي أصل الذرية قولان: أحدهما: لأنهم يخرجون من الأصلاب كالذر. والثاني: أنه مأخوذ من ذَرَأ الله الخلق إذا أحدثهم وأظهرهم.
﴿واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون﴾ قوله عز وجل: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِم نَبَأَ اْلَّذِيّ ءاتَيْنَاهُءَايَاتِنَا فانَسَلَخَ مِنْهَا﴾ فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه بلعام بن عوراء، واختلفوا فيه فقيل كان من اليمن، وقيل كان من الكنعانيين، وقيل من بني صال بن لوط، قاله ابن عباس، وابن مسعود. والثاني: أنه أمية بن أبي الصلت الثقفي، قاله عبد الله بن عمرو. والثالث: أنه من أسلم من اليهود والنصارى ونافق، قاله عكرمة. وفي الآيات التي أوتيها ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه اسم الله الأعظم الذي تجاب به الدعوات، قاله السدي وابن زيد. والثاني: أنها كتاب من كتب الله. قاله ابن عباس. والثالث: أنه أوتي النبوة فرشاه قومه على أن يسكت ففعل وتركهم على ما هم عليه، قاله مجاهد، وهو غير صحيح لأن الله لا يصطفي لنبوته إلا من يعلم أن لا يخرج عن طاعته إلى معصيته.


الصفحة التالية
Icon