أحدهما: أنه عذاب النار في الآخرة. الثاني: أنه إقامة الحدود في الدنيا. الثالث: إنه أخذ الزكاة منهم.
﴿وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم﴾ قوله عز وجل: ﴿وَءَاخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ﴾ فيهم قولان: أحدهما: أنهم سبعة من الأنصار منهم أو لبابة بن عبد المنذر، وأوس بن ثعلبة، ووديعة بن حزام، كانوا من جملة العشرة الذين تخلفوا عن رسول الله ﷺ في غزاة تبوك، فربطوا أنفسهم لما ندموا على تأخرهم إلى سواري المسجد ليطلقهم رسول الله ﷺ إن عفا عنهم، فلما عاد رسول الله ﷺ مر بهم وكانوا على طريقة فسأل عنهم فأخبر بحالهم فقال: (لاَ أَعذُرُهُمْ وَلاَ أُطْلِقُهم حَتَّى يَكونَ اللَّهَ تَعالَى هُوَ الَّذِيَ يَعْذُرُهم وَيُطْلِقُهُمْ) فنزلت هذه الآية فيهم فأطلقهم، وهذا قول ابن عباس. الثاني: أنه أبو لبابة وحده قال لبني قريظة حين أرادوا النزول على حكم النبي ﷺ إنه ذابحكم إن نزلتم على حكمه، قاله مجاهد. ﴿خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحَاً وَءَاخَرَ سَيِّئاً﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن الصالح: الجهاد، والسيء، التأخر عنه، قاله السدي. الثاني: أن السيىء: الذنب والصالح: التوبة، قاله بعض التابعين. الثالث: ما قاله الحسن: ذنباً وسوطاً لا ذهباً فروطاً، ولا ساقطاً سقوطاً.
﴿خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون﴾ قوله عز وجل: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً﴾ قال ابن عباس: لما نزل في أبي لبابة وأصحابه ﴿وَءَاخَرُونَ اعْترَفُواْ بِذُنُوبِهِم﴾ الآية. ثم تاب عليهم قالوا يا رسول الله خذ منا صدقة أموالنا لتطهرنا وتزكينا، قال: لا أفعل حتى أؤمر، فأنزل الله تعالى ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً﴾ وفيها وجهان: أحدهما: أنها الصدقة التي بذلوها من أموالهم تطوعاً، قاله ابن زيد. والثاني: أنها الزكاة التي أوجبها الله تعالى في أموالهم فرضاً، قاله عكرمة. ولذلك قال: ﴿مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ لأن الزكاة لا تجب في الأموال كلها وإنما تجب في بعضها. ﴿تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ أي تطهر ذنوبهم وتزكي أعمالهم. ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ﴾ فيه وجهان: أحدهما: استغفر لهم: قاله ابن عباس. الثاني: ادع لهم، قاله السدي. ﴿إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ﴾ فيه خمسة تأويلات: