قوله عز وجل: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَافَّةً﴾ فيه وجهان: أحدهما: وما كان عليهم أن ينفروا جميعاً لأن فرضه صار على الكفاية وهذا ناسخ لقوله تعالى ﴿انفِرُو خِفَافاً وَثِقَالاً﴾ قاله ابن عباس. والثاني: معناه وما كان للمؤمنين إذا بعث رسول الله ﷺ سَرية أن يخرجوا جميعاً فيها ويتركوا رسول الله ﷺ وحده بالمدينة حتى يقيم معه بعضهم، قاله عبد الله بن عبيد الله بن عمير. قال الكلبي: وسبب نزول ذلك أن المسلمين بعد أن عُيّروا بالتخلف عن غزوة تبوك توفروا على الخروج في سرايا رسول الله ﷺ وتركوه وحده بالمدينة، فنزل ذلك فيهم. ﴿فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ﴾ فيه قولان: أحدهما: لتتفقه الطائفة الباقية إما مع رسول الله ﷺ في جهاده، وإما مهاجرة إليه في إقامته، قاله الحسن. الثاني: لتتفقه الطائفة المتأخرة مع رسول الله ﷺ عن النفور في السرايا، ويكون معنى الكلام: فهلاَّ إذا نفروا أن تقيم من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا مع رسول الله ﷺ في الدين، قاله مجاهد. وفي قوله تعالى ﴿لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ﴾ تأويلان: أحدهما: ليتفقهوا في أحكام الدين ومعالم الشرع ويتحملوا عنه ما يقع به البلاغ وينذروا به قومهم إذا رجعوا إليهم. الثاني: ليتفقهوا فيما يشاهدونه من نصر الله لرسوله وتأييده لدينه وتصديق وعده ومشاهدة معجزاته ليقوى إيمانهم ويخبروا به قومهم.
﴿يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين﴾ قوله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَآمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِّنَ الْكُفَّارِ﴾ فيهم أربعة أقاويل: أحدها: أنهم الروم قاله ابن عمر.