والثاني: أنّ الفارض التي قد ولدت بطوناً كثيرة، فيتسع لذلك جوفها، لأن معنى الفارض في اللغة الواسع، وهذا قول بعض المتأخرين، واستشهد بقول الراجز:

(يا رُبَّ ذي ضغن عليّ فارض له قروء كقروء الحائض)
والبكر: الصغيرة التي لم تحمل، والبكر من إناث البهائم، وبني آدم، ما لم يفتحله الفحل، وهي مكسورة الباء، فأما البَكْر بفتح الباء، فهو الفتي من الإبل. وقوله تعالى: ﴿عَوانٌ بَيْنَ ذلكَ﴾ والعوان النَّصَفُ التي قد ولدت بطناً أو بطنين، ﴿بين ذلك﴾ يعني بين الصغيرة والكبيرة، وهي أقوى ما تكون من البقر وأحسنه، قال الشاعر: قوله تعالى: ﴿... قَالَ: إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ﴾ حُكِيَ عن الحسن البصري، أن المراد بقوله صفراء، أي سوداء شديدة السواد، كما تقول العرب: ناقة صفراء أي سوداء، ومنه قول الشاعر:
(فرحن عليه بين بِكرٍ عزيزة وبين عَوانٍ كالغمامة ناصِفِ)
(تلك خيلي منه وتلك ركابي هُنّ صفر أولادها كالزبيب)
وقال الراجز:
(وصفرٍ ليست بمصفرّة ولكنّ سوداءَ مثل الخُمُر)
وقال سائر المفسرين: إنها صفراء اللون، من الصفرة المعروفة، وهو أصح، لأنه الظاهر، ولأنه قال: ﴿فَاقِعٌ لَّوْنُهَا﴾ والفاقع من صفات الصفرة، وليس يوصف السواد بذلك، وإنما يقال: أسود حالكٌ، وأحمر قانٍ، وأبيضُ ناصعٌ، وأخضرُ ناضرٌ، وأصفرُ فاقعٌ.


الصفحة التالية
Icon