(أفَلَا تَعْقِلُونَ) أي أفلا تعقلون حجة الله عليكم في هذا.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (٧٨)
معنى الأمَِّي في اللغة المَنسوب إلى ما عليه جِبِلَّةُ أمَّتِه، أي لا يكتب
فهو في أنه لا يكتب - على ما ولد عليه، وارتفع (أُمِّيُّونَ) بالابتداء
و (مِنهم) الخبر (١)
ومن قول الأخفش يرتفع (أُمِّيُّونَ) بفعلهم، كان المعنى واستقر منهم
(أُمِّيُّونَ).
ومعنى (إِلَّا أَمَانِيَّ) قال الناس في معناه قولين: قالوا معناه لَا يعلمون
الكتاب إلا تلاوة، كما قال عزَّ وجلَّ: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ)
أي إذَا تلا ألقى الشيطان في تلاوته.
وقد قيل الأماني أكاذيب العرب، تقول أنت إِنما تتمنى هذا القول أي
تَخْتَلِقُه.
ويجوز أن يكون آماني منسوباً إلى - القائل إِذا قال ما لا يعلمه فكأنه إنما يتمناه، وهذا مستعمل في كلام الناس، تقول للذي يقول ما لا حَقِيقةَ لَهُ وهو يُحِبَه: هذا مُنًى، وهذه أمْنِيةٌ.
وفي لفظ أماني وجهان: العرب تقؤل هذه أمَانٍ وأمَانيَّ - يا هَذا - بالتشديد
والتخفيف، فمن قال أمانيَّ بالتشديد فهو مثل أحْدُوثة وأحاديث، وقرقورة
وَقراقير، ومن قال أمان بالتخفيف فهو مما اجتمعت فيه الياءان أكثر لثقل الياءِ.