عليكم فتعنتون، وأصل العنتْ في اللغة من قولهم: عنِتَ البعير يعنت إذا حدث في رجله كسر بعد جبر لا يمكنه معه تصريفها، ويقال اكمة غَنوتْ إِذا كان لا يمكن أن يُحازيها إلا بمشقة عنيفة.
وقوله عزَّ وجلَّ: (إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)).
أي يفعل بعزته ما يحب لا يدفغه عنه دافع.
(حَكِيمٌ) أي ذو حكمة فيما أمركم به من أمر اليتامى وغيره.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٢١)
معنى (لَا تَنْكِحُوا) لا تتزوجوا المشركات، ولو قرئت ولا تُنكِحوا المشركات
كان وجهاً، ولا أعلم أحداً قرأ بها، والمعنى في هذا ولا تتزوجوا المشركات حتى يؤمن، ومعنى المشركات ههنا لكل من كفر بالنبي - ﷺ -
واللغة تطلق على كل كافر إنما يقال له مشرك - وكان التحريم قد نزل في سائر الكفار في تزويج نسائهم من المسلمين، ثم أحل تزويج نساءِ أهل الكتاب من بينهم. فقال اللَّه - عزَّ وجلَّ: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ).
فإِن قال قائل: من أين يقال لمن كفر بالنبي - ﷺ - مشرك وإِن قال إِن اللَّه عزَّ وجل واحد؟
فالجواب في ذلك أنه إذا كفر بالنبي - ﷺ - فقد زعم أن ما أتى به من القرآن من عند غير اللَّه - جل ثناؤًه - والقرآن إِنما هو من عند اللَّه - عزَّ وجلَّ - لأنه يُعجِز المخلوقين أن يأتوا بمثله - فقد زعم أنه قد أتى غير الله بما لا يأتي به إِلا اللَّه - عزَّ وجلَّ - فقد أشرك به غيره.


الصفحة التالية
Icon