سُورَةُ الْمُرْسَلَاتِ
(مَكِّيَّة)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قال أبو إسحاق: قوله عزَّ وَجلَّ: (وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا (١)جاء في التفسير أنها الريَاح أرسلت كعرف الفرس، وكذلك: (فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا (٢) وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا (٣).
الرياح تأتي بالمطر كما قال عزَّ وجلَّ: (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) (١).
* * *
وقوله: (فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا (٤)
يعنى به الملائكة جاءت بما يفرق بين الحق والبَاطلِ، وكذلك
* * *
(فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا (٥)
يعنى الملائكة.
وقيل في تفسير (والمرسلات) أنها الملائكة أرسلت بالمعروف.
وقيل إنها لعرف الفرس.
وقيل - (فالعَاصِفَاتِ عَصْفاً) الملائكة تعصف بروح الكافِر؛ والباقي إلى آخر الآيات يعنى به الملائكة أيضاً.
وفيه وجه ثالث، (وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا) يعني به الرسل.
(فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا) الرياح، (فالناشرات نشراً) الرياح.
(فالفارقات فرقاً) على هذا - التفسير الرسل أيضاً.
وكذلك (فالملقيات ذِكراً).
وهذه كلها مجرورة على جهة القسم، وجواب القسم (إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ (٧)
(١) قال السَّمين:
قوله: ﴿عُرْفاً﴾: فيه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أنَّه مفعولٌ مِنْ أجلِه، أي: لأجلِ العُرْفِ وهو ضِدُّ النُّكْرِ. والمرادُ بالمُرْسَلاتِ: إمَّا الملائكةُ، وإمَّا الأنبياءُ، وإمَّا الرِّياحُ أي: والملائكةُ المُرْسَلاتُ، أو والأنبياء المُرْسَلات، أو والرياحُ المُرْسَلات. والعُرْفُ: المعروفُ والإِحسانُ. قال الشاعر:
٤٤٥٤ مَنْ يَفْعَلِ الخيرَ لا يَعْدَمْ جَوازِيَهُ... لا يَذْهَبُ العُرْفُ بينَ اللَّهِ والناسِ
وقد يُقال: كيف جَمَعَ صفةَ المذكرِ العاقلِ بالألفِ والتاءِ، وحقُّه أَنْ يُجْمَعَ بالواوِ والنونِ؟ تقول: الأنبياءُ المُرْسَلونَ، ولا تقولُ: المُرْسَلات. والجوابُ: أنَّ المُرْسَلات جَمْعُ مُرْسَلة، ومُرْسَلة صفةٌ لجماعةٍ من الأنبياء، فالمُرْسَلات جمعُ «مُرْسَلة» الواقعةِ صفةً لجماعة، لا جمعُ «مُرْسَل» المفردِ. الثاني: أَنْ ينتصِبَ على الحالِ بمعنى: متتابعة، مِنْ قولِهم: جاؤوا كعُرْفِ الفَرَس، وهم على فلانٍ كعُرْف الضَّبُع، إذا تألَّبوا عليه. الثالث: أَنْ ينتصِبَ على إسقاطِ الخافضِ أي: المُرْسَلاتِ بالعُرْفِ. وفيه ضَعْفٌ، وقد تقدَّمَ الكلامُ على العُرْف في الأعراف. والعامَّةُ على تسكينِ رائِه، وعيسى بضمِّها، وهو على تثقيلِ المخففِ نحو: «بَكُر» في بَكْر. ويُحتمل أَنْ يكونَ هو الأصلَ، والمشهورةُ مخففةٌ منه، ويُحْتَمَلُ أَنْ يكونا وزنَيْنِ مستقلَّيْن.
قوله: ﴿عَصْفاً﴾: مصدرٌ مؤكِّدٌ لاسمِ الفاعلِ، والمرادُ بالعاصفات: الرياحُ أو الملائكةُ، شُبِّهَتْ بسُرْعة جَرْيِها في أمرِ الله تعالى بالرياحِ، وكذلك «نَشْراً» و «فَرْقاً» انتصبا على المصدرِ أيضاً. اهـ (الدُّرُّ المصُون).
قوله: ﴿عُرْفاً﴾: فيه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أنَّه مفعولٌ مِنْ أجلِه، أي: لأجلِ العُرْفِ وهو ضِدُّ النُّكْرِ. والمرادُ بالمُرْسَلاتِ: إمَّا الملائكةُ، وإمَّا الأنبياءُ، وإمَّا الرِّياحُ أي: والملائكةُ المُرْسَلاتُ، أو والأنبياء المُرْسَلات، أو والرياحُ المُرْسَلات. والعُرْفُ: المعروفُ والإِحسانُ. قال الشاعر:
٤٤٥٤ مَنْ يَفْعَلِ الخيرَ لا يَعْدَمْ جَوازِيَهُ... لا يَذْهَبُ العُرْفُ بينَ اللَّهِ والناسِ
وقد يُقال: كيف جَمَعَ صفةَ المذكرِ العاقلِ بالألفِ والتاءِ، وحقُّه أَنْ يُجْمَعَ بالواوِ والنونِ؟ تقول: الأنبياءُ المُرْسَلونَ، ولا تقولُ: المُرْسَلات. والجوابُ: أنَّ المُرْسَلات جَمْعُ مُرْسَلة، ومُرْسَلة صفةٌ لجماعةٍ من الأنبياء، فالمُرْسَلات جمعُ «مُرْسَلة» الواقعةِ صفةً لجماعة، لا جمعُ «مُرْسَل» المفردِ. الثاني: أَنْ ينتصِبَ على الحالِ بمعنى: متتابعة، مِنْ قولِهم: جاؤوا كعُرْفِ الفَرَس، وهم على فلانٍ كعُرْف الضَّبُع، إذا تألَّبوا عليه. الثالث: أَنْ ينتصِبَ على إسقاطِ الخافضِ أي: المُرْسَلاتِ بالعُرْفِ. وفيه ضَعْفٌ، وقد تقدَّمَ الكلامُ على العُرْف في الأعراف. والعامَّةُ على تسكينِ رائِه، وعيسى بضمِّها، وهو على تثقيلِ المخففِ نحو: «بَكُر» في بَكْر. ويُحتمل أَنْ يكونَ هو الأصلَ، والمشهورةُ مخففةٌ منه، ويُحْتَمَلُ أَنْ يكونا وزنَيْنِ مستقلَّيْن.
قوله: ﴿عَصْفاً﴾: مصدرٌ مؤكِّدٌ لاسمِ الفاعلِ، والمرادُ بالعاصفات: الرياحُ أو الملائكةُ، شُبِّهَتْ بسُرْعة جَرْيِها في أمرِ الله تعالى بالرياحِ، وكذلك «نَشْراً» و «فَرْقاً» انتصبا على المصدرِ أيضاً. اهـ (الدُّرُّ المصُون).