الأول: أن الضمير المجرور في قوله ﴿مِّنْهُم﴾ عائد على ﴿الذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب﴾ وقد قالوا: إن ﴿الذين﴾ بدل من ﴿الظالمين﴾، فإذا كان كذلك بطل أن يكون بعضهم عالمين به ومظهرين له إذ لا يسمى فاعل ذلك ظالما.
- الثاني: ﴿إِنَّ فَرِيقاً﴾ إنما يطلق على القليل من الجماعة ولا يقال للنصف (فريقا) (فيلزم) أن يكون أكثرهم مظهرين للحق، وذلك مخالف لسياق الآية لأنها إنما سيقت لذمهم.
وأجاب ابن / عرفة عن الإشكال باحتمال كون فيهم مِن علِم وتحقق ولم تعرض له شبهة توجب له الريبة والشك في علمه فهؤلاء هم الّذين قيل فيهم ﴿وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الحق وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾. ومنهم من علم وعرضت له شبهة توجب التردد في علمه فهؤلاء هم المسكوت عنهم.
قوله تعالى: ﴿فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الممترين... ﴾.
يتناول أقسام التردد الثلاثة و (هي) الظنّ، والشك، والوهم، لأن المطلوب في الإيمان العلم اليقين ولا (يجزئ) فيه الظنّ بوجه.
قيل لابن عرفة: لعلّ المراد الظن به فقط، ويدل على النهي عما سواه من باب أحرى؟
فقال: الظنّ (مطلق) يتناول ظن الباطل وظن الحق، ودلالة أخرى إنما هي في ظن الحق، أي فلا يعتقد الحق اعتقادا ظنيا فيقول القائل: لعل المراد فلا يعتقد الباطل ظنا فيبقى الشك والوهم غير منهي عنهما والصواب تناوله للجميع.
قوله تعالى: ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا... ﴾.
حمله الزمخشري على معنيين، أحدهما: ولكل فريق من أهل الأديان المختلفة قبلة هو موليها نفسه، أو يعود الضمير على الله، أى الله موليها إياه.
- (الثاني): ولكل واحد منكم يا أمة محمد جهة يصلي إليها شمالية، أو جنوبية، أو شرقية أو (غربية). فالقبلة
عندنا نحن في الجنوب وعند أهل العراق و (اليمن) في الشمال والمغرب.
وضعف ابن عرفة الأول إذا أعيد الضمير في ﴿هُوَ مُوَليِّهَا﴾ على الله لأن الملل كلها قد انتسخت بشريعة سيدنا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فلا يصدق أن لكل قوم (وجهة).
قال ابن عرفة: وكان بعضهم يفسره بمعنى ثالث وهو أن (لكلّ) شخص منّا وجهة من وجوه الخير، والله أقامه فيها، فواحد مجاهد وآخر صائم وآخر عالم وآخر حاج وآخر كثير الصدقة.
قوله تعالى: ﴿فاستبقوا الخيرات... ﴾.


الصفحة التالية
Icon