سُورَةُ النَّحْلِ
مكية إلا ثلاثة آيات في آخرها.
قوله تعالى: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ... (١)﴾
ابن عطية: إخبار عن إتيان بما سيأتي على جهة التأكيد وإن كان الخبر حقا لأنه لوضوحه كأنه قد وقع وإنما يجوز ذلك عندي لمن يعلم قرينة التأكيد ويفهم المجاز وإن كان المخاطب لَا يفهم المجاز فلا يجوز وضع الماضي بوضع المستقبل لأن ذلك يوجب الكذب.
قال ابن عرفة: عادة الطلبة يوردون عليه بقول أبي بكر لمن سأله النبي ﷺ هذا هاد يهدي إلى الطريق، وقوله نحن ما وتقدم الجواب بأن كلام أبي بكر من استعمال الأعم في بعض [أجزائه*] والقرينة، وقول ابن عطية: من نقل اللفظ حقيقة إلى مجازه فلا بد فيه من الملازمة الذهنية.
قوله تعالى: ﴿فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٤)﴾
يتناول الطائع والعاصي، فالطائع مخاصم لإظهار الحق، والعاصي مخاصم بالباطل فهو من الكلام المتناول للشيء ونقيضه كقوله ﷺ "إذا لم تستح فاصنع ما شئت".
قوله تعالى: ﴿لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (٥)﴾
هذا ترق لأن الدفء ميسر قريب إذ ليس فيها إلا إزالة صوفها ووبرها والانتفاع بها فليس عليها فيه مضرة ثم الامتناع بالمنافع أقوى لأن تسخيرها والحمل عليها وهذا مما لا يقدر الإنسان على فعلها ولا ما أتيح له فيها تكلف ومشقة عليها ثم الإنسان ما لا يأكل منها أقوى من ذلك وأشد لأن فيه بها وهذا لَا يقدر الإنسان عليه لأنها محرمة فكيف تذبح وما أباح الله لنا ذلك.
قوله تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (٦)﴾
وقدم الرواح وإن كان متأخراً في الوجود عن السراح لأن الجمال فيها [حظ*] الرواح أكثر لكونها ترجع مستعانة البطون، ورُدَّ بأن، قيل: هلا قصد الترقي فهو أحسن من التدلي، وأجيب: بأنه إنما قدم المؤخر لأن الجمال حين الرواح كثير والجمال حين السراح إنما يكون عن جمالها في الرواح فإن [... ] بأنه سرحت من الغد جميلة وإن راحت ما فيه لم يكن بينها حين السراح جماله بوجه.


الصفحة التالية
Icon