سُورَةُ الْسَّجْدَةِ
قوله تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ... (٤)﴾
قال ابن عرفة: جاءت هذه الآية موصولة غير مفصولة بحرف العطف، لأنها بيان ما قبلها، ودليل عليه من جهة أن حقيقة رسالة المرسل يستدل عليها بالمعجزة، وبما هو من فعل مرسله الخاص به وهذه منه، قال بعضهم: من حقيقتها أن السماوات ليس بينهما خرق، ولو كان بينهما خرق، لقال: ما بينهما أو لقال: وما بينهن بضمير التأنيث، فلما أتى بضمير التثنية، دل على أن المراد ما بين السماء والأرض، وأجيب: بأن الشاهد منها ما بين السماء الدنيا والأرض، ورد بأن جميعها مشاهد لقوله تعالى: في سورة نوح عليه السلام (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (١٥) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا)، فكأن قوم نوح عليه السلام لطول أعمالهم أدركوها بالرصد، وأجيب: بأن الشاهد أن في السماوات في أنفسها لَا ما بينها.
قوله تعالى: (فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ).
الظرف تارة يعتبر من حيث كونه محالا للفاعل، وتارة يعتبر من حيث كونه محالا للمفعول والفاعل، يقول ضربت زيدا في المسجد، وأنتما معا فيه وحده وأنت في الطريق، أو العكس، وتقول: ضربت زيدا يوم الجمعة، وأنتما معا فيه، كقوله: (فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ)، الظرف هنا منسوب للمفعول فقط، واليوم ليست حركة الفلك بالطلوع والغروب؛ لأن لَا يلزم الدور؛ لأن الفلك خلق فيه فاليوم سابق عليه، فالمراد مقدار حركة مقدرة، وقول ابن عطية: روي [أن الخلق ابتدئ يوم الأحد*]، وقيل: يوم السبت (١).
ابن عرفة: فتسمية هذه الأيام أمور جعلية، والمحال المقدم في حملها على حقيقتها أمر عقلي.
قوله تعالى: (وَمَا بَيْنَهُمَا).
يؤخذ منه أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى.
قوله تعالى: (مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ).