سُورَةُ الزُّمَرِ
قوله تعالى: ﴿لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ... (٤)﴾
ابن عطية: أي اتخاذ التشريف [والتبني*]، وأما الاتخاذ المسمى المعلوم؛ فلا يتوهم ولا يستقيم عليه الاصطفاء، قال: وقوله تعالى: (وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا)؛ توهم اتخاذ ولد واتخاذ الاصطفاء، فأما الأول [فبالمعقول*]، وأما الثاني فبخبر الشارع.
وقال الزمخشري: أي لو أراد اتخاذ الولد لم يصح لكونه محالا، [ولم يتأت*] إلا أن يصطفي بعض خلقه ويختصهم ويقربهم؛ كما يختص الرجل ولده، وقد فعل ذلك بالملائكة فغركم ذلك وزعمتم أنهم أولاده [جهلا*] منكم.
قال ابن عرفة: فحمله ابن عطية على اتخاذ التشريف، [وحمله*] الزمخشري على اتخاذ الولد حقيقة، فكان جواب الشرط على قول الزمخشري مشكلا؛ لأن القضية الشرطية المتصلة يلزمها منفصلة مانعة الجمع من غير مقدمها، ونقيض بالهاء ومانعة الخلو من نقيض مقدمها وعين تاليها، فيدخلها نفي الملزوم مع صحة وجود اللازم، وهذا خلاف إجماع النظام، لأنه قال: لو أراد الله اتخاذ الولد لامتنع ذلك، لكونه محالا؛ [فلم يبق*] إلا أن يصطفي من خلقه ما يشاء، وقد فعل ذلك بالملائكة والأنبياء عليهم السلام مع أن (لَوْ) إذا دخلت محل نفي عاد ثبوتين وبالعكس، وهنا دخلت على ثبوتين فيعودا [نفيين*] فيعود أحدهما: وهو الأول نفيا، والثاني ثبوتا.
وأجاب شيخنا: بأن المثبت الاصطفاء الواقع من الله تعالى للأنبياء؛ لَا الاصطفاء الذي هو [التبني*] وهو المراد من اللازم، والمراد نفيه فينتفي الملزوم، وتقديره لو أراد الله اتخاذ الولد للاصطفاء اصطفاء [التبني*] واللازم باطل والملزوم مثله، قيل له: عبر في اللازم بالإرادة وفي الملزوم بالمشيئة؛ وهما معنى واحد، فأجاب: بأنه تفنن في الخطاب، قيل له: هل [يدل*] لفظ التكوير على أن السماء كورية؟ فقال: نعم؛ لأن تكويرها مع [فلكها*] عن محله محال، ومن لوازمه تكور فلكها لاستحالة تعلقها دون مكان.
فإن قلت (٥): [**معهم التكوير مع البساطة؛ لأن المراد تداخل الزمانين والباء من أحدهما للآخر]، قلت: مسلم لكن مع إشعار لفظ التكوير؛ [يريد تكويرا ككور العمامة*] بعضه على بعض.


الصفحة التالية
Icon