سُورَةُ الزُّخْرُفِ
قوله تعالى: ﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا... (٤٥)﴾
قيل: إنما أُمر أن يسأل جبريل عليه السلام، أو يسأل الرسل ليلة الإسراء.
ابن عرفة: الصواب أن يقال: (اسْأَلْ) أتباع الرسل [تقريرًا*] لتقيم به الحجة عليهم، وإلا فهو عالم بذلك غير محتاج إلى السؤال عنه، وسؤال جبريل والرسل لا يصح لقول [صاحب*] الجمل: إن الطلب من الأدنى إلى الأعلى هو مسألة ودعاء، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أعلى من غيره.
وقد قال بعضهم: إن السؤال يقتضي أن يكون عند المسؤول عنه علما.
قيل لابن عرفة: من يسألهم عن هذا هل وقع في الموجود أم لَا؟ وقيل: الأمر بسؤالهم عن جواز هذا عقلا وهو أبلغ، فقال: تنزل بعضهم على قدر عقولهم.
قوله تعالى: ﴿وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا... (٤٨)﴾
أورد الزمخشري فيه سؤال التناقص أو التسلسل إذ الآية الأولى ليس [قبلها*] آية، وإن كانت مما بعدها أكبر منها لزم التناقض، وأجيب: بمثل ما أجيب في قوله تعالى: (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) أن هذا يزيد على هذا الشيء ويزيد عليه المفضول لشيء آخر، فكذلك الآية أكبر من أختها في شيء، وأختها أكبر من أختها في شيء آخر، أو بالنسبة إلى المخاطبين، أو واحد يعتقد أن هذه أكبر. وآخر يعتقد أن هذه أكبر، وآخر معتقد العكس، فالمراد من واحدة من أخواتها بالنوع لا بالشخص؛ لأنها أكبر من التي قبلها.
قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ... (٥٥)﴾
أي فلما [أغضبونا*]، وليس المراد حقيقة الغضب بل هو بمعنى إرادة الانتقام منهم، أو عبارة عن فعل ذلك بهم.
قيل لابن عرفة: يلزم عليه أن يكون المعنى: فلما انتقمنا منهم، فقال الأول: انتقام أعم، أي فلما انتقمنا انتقمنا منهم.
قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (٥٧)﴾
أي يصدوهم [عن*] عبادة محمد كما عبدت النصارى عيسى؟ وذلك لما نزل: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ)، ونزل قوله


الصفحة التالية
Icon