سُورَةُ الْأَحْقَافِ
قوله تعالى: ﴿وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً.. (١٢)﴾
قال ابن عرفة: وجه مناسبتها لما قبلها أنه لما تضمن قوله تعالى: (فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ) تقبيحهم إياه بأنه إما كذب في نفسه أو شبيه بما قبله من الأكاذيب، [والقرآن*] عينه ببيان أنه إما صدق في نفسه، وشبيه بما قبله من الكتب الصادقة الواردة على يدي الرسل.
قوله تعالى: ﴿فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٣)﴾
نفى الخوف بالاسم، والحزن بالفعل؛ لأن سبب الخوف والأمور المستقبلة [متكررة*] غير متناهية؛ لعدم وقوعها، فتذهب النفس بها كل مذهب، وسبب الحزن ماض، والماضي متناه لانقطاعه، فعبر عن الأبلغ بالأبلغ، وعن الأخف بالأخف.
قيل لابن عرفة: هذا صحيح لو كان في الثبوت، وأما في النفي فنفي الأعم أخص من نفي الأخص، وأجيب: بأنهم [ما*] قالوا هذا إلا في باب الإخبار، وهو أن الإخبار بالاسم [**أخير] من الإخبار بالفعل، والاسم هنا مخبر عنه لا مخبر به.
قوله تعالى: [(أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ... (١٤) *]
اختلف المحدثون هل من شرط الصحبة طول الملازمة أو لَا، وظاهر الآية حجة لمن لم يشترط ذلك، لقوله تعالى: (خَالِدِينَ)، وقوله تعالى: (جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون) هو جزاء شرعي تفضلي لَا أنه عقلي.
قوله تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا... (١٥)﴾
عداه هنا بالباء، وقال تعالى في سورة النساء: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ) فعداه بـ في.
قال ابن عرفة: عادتهم يجيبون بوجهين:
الأول: متعلق الوصية هنا بسيط مفرد وهو بر الوالدين فقط، ومتعلقها هناك متعدد وهي أمور كثيرة، والقاعدة أن التعدد يحتاج في حفظه إلى [وعاء*] يكون فيه، والبسيط لا يحتاج في صورته إلى ظرف كمن عنده أمتعة، فإنه [**يستعد لها مسند وقالوا: ومن عنده مقطع واحد في صورته إلى ذلك].