سُورَةُ الْمُجَادَلَةِ
تكرر فيها اسم الجلالة أربعين مرة.
قوله تعالى: ﴿قَدْ... (١)﴾
الزمخشري: (قَدْ) معناها التوقع، قال هو والفخر، لأن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم والمرأة المجادلة كانا يتوقعان أن قد سمع الله بمجادلتهما وشكواهما، وينزل في ذلك ما يفرج عنهما، انتهى، هذا لَا يتم على قواعدنا، ولا على قواعد المعتزلة؛ لأنه إن أريد به السماع في نفس الأمر، فلا يصح فيه التوقع بل هو ثابت، وإن أريد به النسبة إلى المخاطب، فالنبي ﷺ وعلى آله والمسلمون، ما كانوا يتوقعون السماع، بل يحققونه، وأما على قواعد المعتزلة، فلأن الله تعالى عالم بذلك في نفس الأمر، وكذلك في اعتقاد النبي ﷺ من غير توقع، فلا بد من التجوز في الآية إما بأن يراد بـ (سَمِعَ) استمع إشارة إلى أنه سماع إجابته، أو يضمر في الآية فعل، أي سمع هو قولها وأجابها، والتوقع في هذا ممكن لكن يلزم على الأول المجاز، وعلى الثاني الإضمار فيتعارضان، وإن قلت: القول أعم من الكلام لصدقه على المفرد، وعلى المركب الغير مقيد، وسماع المركب مستلزم سماع المفرد، بخلاف العكس فهلا [عبَّر*] بالأخص؟ فالجواب: أنه عبر باللفظ الأعم، ليفيد عموم السماع في [المقيد*] وغيره، وذكر الخونجي أن الطلب من خصائص المركب، لأنه قسم المركب إلى الطلب، ونص الإبياري على كونه في المفرد.
قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ).
الزمخشري: يصح أن يسمع كل مسموع، ويبصر كل مبصر، انتهى، هذه العبارة لا تجوز عندنا ولا عندهم، بل سماعه وإبصاره عندنا واجب غير ممكن، وعندهم راجع لصفة العلم، وعلمه بالأشياء واجب غير ممكن؛ إلا أن يجيبوا لهم عن مذهبهم، بأن بعض المعتزلة زعم أن العلم بالشيء مقارن لوجود ذلك النفي، فتعلق العلم بالحوادث مقارن لوجودها، وهي ممكنة، فيكون العلم بها ممكنا فتصح عبادته.
قوله تعالى: ﴿مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ... (٢)﴾
هذه الجملة خبر عن الأولى، وهي موجبة [معْدولة*]، وليست سالبة؛ لأن الموضوع ليس هو الموضوع في الأولى فهي كقولك: زيد بصير، أي هن غير أمهاتهم، وهي من معنى قولك: زيد ما ضربته، ونفي الولادة والأمومة حكم شرعي لَا سلبي، لأنهم معلوم أنهم ليسوا بأولادهم، أي لَا يحكم لهم في الشرع بحكم الأمهات.


الصفحة التالية
Icon