سُورَةُ الْحَشْرِ
الزمخشري: [صالح بنو النضير رسول الله ﷺ على أن لا يكونوا عليه ولا له، فلما ظهر يوم بدر قالوا: هو النبي الذي نعته في التوراة لا ترد له راية، فلما هزم المسلمون يوم أحد ارتابوا ونكثوا، فخرج كعب بن الأشرف في أربعين راكبا إلى مكة فحالفوا عليه قريشا عند الكعبة فأمر عليه السلام محمد بن مسلمة الأنصارى فقتل كعبا غيلة*]، انتهى، أي قتله على غرة ولا يريد الغيلة الاصطلاحية، لأنها القتل خفية لأخذ المال.
قوله تعالى: ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ... (١)﴾
ابن عطية: التسبيح إما بلسان الحال بمعنى أن الناظر لهذه الجمادات يسبح الله تعالى، أو بمعنى أنها مفتقرة إلى الاستمدادات [بالأعراض*]، وهو حقيقة بلسان المقال انتهى، فعلى هذا لَا يدخل فيه المشركون ولا الدهرية، لأنهم لَا يسبحون الله، وعلى الأول يدخلون، وإن كانوا متصفين بضد التسبيح، لأن حالهم يقتضي الافتقار إلى موجد أوجدهم، وقوله حقيقة نحوه، قال اللخمي للمازري: وهو مشكل، لأن الموجودات إما جسم أو حيوان أو إنسان، فالجماد مؤلف من الجسم والعرض فقط، والحيوان يزيد عليه بالحياة، والإنسان يزيد عليهما بالعلم، فإذا جعل التسبيح من الجماد حقيقة يلزمه إما قيام الحياة بالجماد، أو صدور الكلام من غير الحي [وهو*] باطل، لأن الكلام شرطه الحياة، وما ورد في الحديث من تسبيح الحصى وكلام الجذع، وغير ذلك، فمعجزة خارقة للعادة، و (سبح) متعد بنفسه، وتعديه هنا بحرف الجر شاذ، كقوله:
فلمَّا أنْ تَواقَفْنَا قَليلاً... أنَخْنَا [للكَلاكِلِ*] فارْتَمَيْنَا
ويحتمل أن يكون تقديره المفعول محذوفا سبح الله لله أي سبحوه لأجله ولذاته لا لشيء، وهذا هو غاية التوحيد، وانظر أبا حيان في أول سورة الحديد.
قوله تعالى: ﴿لِأَوَّلِ الْحَشْرِ... (٢)﴾
الزمخشري: هذا أول حشرهم إلى الشام، السهيلي في كتاب التعريف والإعلام بما وقع في القرآن مبهما من [أعلام*] هو إنما الإعلام سبب دخول بني إسرائيل لأرض الحجاز أنهم كانوا بالشام، وكانت العمالقة تغير عليهم المرة بعد المرة، فبعث إليهم موسى عليه السلام جيشا من بني إسرائيل، وأمرهم أن يقتلوهم ويستأصلوهم ولا يتركوا منهم صغيرا ولا كبيرا، فخرجوا إليهم، وقاتلوهم وقتلوا جميعهم إلا طفلا صغيرا [ابن*] ملكهم حَسَنَ الصورةِ، فإنهم [استحيوا*] ورجعوا إلى الشام فوجدوا


الصفحة التالية
Icon