سُورَةُ الْحَاقَّةِ
فسر الزمخشري (الْحَاقَّةُ (١).. بثلاثة تفاسير: الأولان: حقيقة، والثالث: مجاز.
قوله تعالى: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (٤)﴾
القارعة من أسماء القيامة، ويرد في الآية [ما*] يذكره البيانيون في حسن الائتلاف، وهو أن الذي يقتضيه حسن الائتلاف، كذبت ثمود وعاد بالحاقة، والجواب من وجهين:
الأول: أتى أولا بلفظ الحاقة دليلا على ثبوتها، [وتقرير*] حقيقتها في النفوس ثم عقب ذلك بلفظ القارعة الدالة على ما اشتملت عليه من الأهوال والقوارع والزواجر.
الثاني: وصفها أولا فيما يرجع إلى حالها في نفسها، وهو كونها حقا ثابتا، وذكر ثالثا: حالها باعتبار صفتها، ولا شك أن حكم الذات متقدم [على*] حكم صفتها، فذكر أولا حكمها في ذاتها، ثم حكمها في صفتها.
قوله تعالى: ﴿سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ... (٧)﴾
لم يقل: سلطها عليهم لما يقتضي لفظ التسخير من سيرها على حكم الله تعالى.
قوله تعالى: (سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ).
اختلفوا في مسمى [اليوم*]، هل هو النهار أو مجموع الدورة، ووقع في كتاب العتق الثاني من المدونة ما يدل على أنه النهار، فيمن قال لعبده: إن أديت اليوم مائة دينار فأنت حر، [فمضى*] اليوم، ولم يؤد إليه شيئا فلابد من التَّلَوُّمِ له، وهذه الآية تدل على أنه النهار؛ لذكره في مقابلة الليل، فلو كان في اللغة [مجموع*] الدورة للزم هنا في إطلاقه على النهار، إما الاشتراك أو المجاز، وكلاهما مرجوح، لأن الأصل في الإطلاق الحقيقة، وروى ابن عطية عن ابن عباس: لم ينزل من السماء [قطرة ماء إلا*] بمكيال [على يد ملك*]، ولا هبت ريح إلا كذلك، إلا ما كان من طوفان نوح وريح عاد، فإِن الله أذن لهما في الخروج من غير إذن الخزان، وقال الزمخشري: روي عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وذكر مثل ما تقدم، قال: فإن الريح [عتت*] على الخزان، فلم يكن لهم عليها سبيل، وكذلك الماء يوم نوح انتهى، فإن قلت: ابن رشد ذكر في جامع البيان أن الله تعالى ما أرسل على قوم عاد من الريح إلا مقدار الخاتم، فتراه أرسل عليهم بمقدار، فكيف يفهم ذلك مع قال المفسرون هنا؟ فالجواب: أنه فتح لها مقدار الخاتم ولا يدري مقدار ما يخرج، إلا الله عز وجل فهي تخرج بلا كيل، وفي العتبية سئل: هل