سُورَةُ الْمَعَارِجِ
قوله تعالى: ﴿سَأَلَ سَائِلٌ... (١)﴾
[ذكر*] ابن عطية القراءة [بتسهيل*] الهمزة، وهي قراءة نافع وابن عامر، (سَأَلَ)، ساكنة الألف، قال بعضهم: هي سال بالهمزة إلا أنها سهلة، وهي لغة مشهورة حكاها سيبويه، فالألف منقلبة عن واو، وأما قول الشاعر:
سَالَتْ هذيلٌ رَسُولَ اللَّهِ فاحِشَةً... ضَلَّتْ هذيلٌ بِمَا سالَتْ وَلَم تُصِبِ
فقال سيبويه: هو على تسهيل الهمزة، وقال غيره: [على*] لغة من قال: سألت، ونقل ابن هشام في شرح الإيضاح في باب زيادة الهمزة عن سيبويه عكس هذا سواء، وجعله مثل أولج يولج، فإنه [مولج*]، وقرئ (سَألَ سَائِل)، بغير همز وحملوه على وجهين: إما أنه من السؤال أو من السيلان، وعلى هذا يكون من مجاز [المجاورة*]، واستدل بعضهم بالآية على صحة تنكير الفاعل.
قوله تعالى: ﴿خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (٤)﴾
وفي سِورة السجدة (أَلْفَ سَنَةٍ)، وفي الحج (وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ)، والجواب: أنها مواطن فهو [لأقوام*] في غاية الشدة والآخرين دون ذلك، وأجاب القرطبي: أن العروج هنا من قعر الأرض [السابعة*] وسطح الأرض، فيلزم على هذا أن يكون بين سطح الأرض والعرش مسيرة ألف سنة، وبين قعر الأرض السابعة وسطحها تسعة وأربعون ألف سنة، وهذا باطل [بالبديهة*]، ولا يفرق باعتبار المنتهي، لأن منتهي المسافة غير معين في الجميع، فلا تناقش، وكون العروج من قعر الأرض السابعة، كما قال مجاهد: [يصعب*] لأنها غير [معهودة*]، وهم إنما يعرجون بأعمال العباد أو [بأرواحهم*]، ابن عطية: قيل: المراد في يوم من أيامكم هذه، ومقدار المسافة أن لو [عرجها*] إذ هي خمسون ألف سنة من أيامكم، وقيل: المراد في يوم من أيامكم كان مقداره في نفسه ألف سنة من أيامكم انتهى، التأويل [الأول*] ظاهر، وأما الثاني فيستحيل فيه حمل اليوم على خمسين ألف سنة [حقيقة*]، ولا بد أن يراد به مطلق الزمان؛ لاستحالة مساواة الجزء للكل في القدر، ابن عطية: وقال عكرمة: أراد هذه الدنيا مقدارها خمسون ألف سنة، لَا يدري أحد ما مضى منها، ولا ما بقي انتهى، كذا ذكر المسعودي والمؤرخون، وذكر المنجمون وغيرهم، أن مقدارها سبعة آلاف [وخمسون*] ألف سنة، وهو ظاهر قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أجمعين: "ما من رجل لَا يؤدي زكاة ماله إلا جعل ماله له عقارب من


الصفحة التالية
Icon