قوله تعالى: ﴿وَلاَ تسئموا أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَو كَبِيراً إلى أَجَلِهِ... ﴾.
السآمة (بمعنى) الكسل، وقدم الصغير خشية التهاون به والتفريط فيه كقول الزّمخشري في ﴿لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا﴾ وقوله ﴿مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يوصى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ﴾ وقوله ﴿فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ﴾ مع أن العداوة تنفي أخذ الدية ويوجب (التعارف) بها فلذلك قدمت الدّية.
والضمير في قوله «تَكْتُبُوهُ» (إما عائد على الحق أو على الدّين، أو على الكتب.
((قال بعضهم: وإن عاد الضمير على الكتاب ف «أَوْ» للتخيير، وإن عاد على الحق أو الدين ف «أَوْ» (للتفصيل).
قوله تعالى: ﴿ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ الله وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ... ﴾.
ابن عرفة: هذا دليل على أنّ الأمر المقدم الندب لا للوجوب. والصواب أنّ المراد الإشهاد أقسط عند الله (والكتاب) أقوم للشهادة فيكون لفّا ونشرا، أي أعدل وأقرب لقيام الشهادة.
و «أَقْسَطُ» قيل من الرباعي وهو شذوذ.
قال الزمخشري: من قاسط على النسب أي ذو قسط، أو جار مذهب سيبويه في بنائها من أفعل.
ورده أبو حيان: بأن سيبويه لم ينص بناء أفعل التفضيل من أفعل بل قال: فعل التعجب ينبني من فعل وأفعل. قالوا: وأفعل التفضيل ينبني مما بني به فعل التعجب.
قال ابن عرفة: فظاهره أنه لم يحك بناء وهي من أفعل.
وقال ابن خروف: رأيت في النسخ المشرقية أنّه يبنى من فَعَلَ وفَعُلَ وأفْعَلَ زاد في النسخ الرياحية إلا أنّ بناءه من أفعل قليل. وقد نص على صحة بناء التعجب من أفعل مبني منهما.
وقول ابن عطية: انظر هل يكون من قَسُط بالضم غير صحيح لأنه لم يحك فيه (أحد) قسُط.
وقول الزمخشري: إنه يجوز على مذهب سيبويه صحيح على ما قاله ابن خروف، ولا يحتاج إلى جعله على طريق النّسب إلاّ لو لم يثبت فيه الرّباعي.
قوله تعالى: ﴿وأدنى أَلاَّ ترتابوا... ﴾.
ابن عرفة: إن أريد بالرّيبة مطلق الاحتمال فيكون فيه منح الشّهادة بالمفهوم لأنه ظنّي فلا (ينتفي) فيه الاحتمال. وقد قدمنا فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه يشهد بها على القطع.
الثاني: أنّه لا يشهد.
الثالث: أنّه يشهد بها بالفهم على نحو ما تحملها.
قال ابن عرفة: وإن أريد بالريبة الشك فلا يكون فيه دليل على ما قلنا.