سُورَةُ (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ)
قوله تعالى: ﴿(أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (١)﴾
ابن عرفة: الشغل: هو الإقبال على الأمر الدنيوي بالبدن والقلب بحيث يذهل عن الأثر المصلح جملة، قال: (شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا) فلا يحسن اعتذارهم بذلك إلا إذا فهم أن قلوبهم لم تزل عامرة بالجهاد راغبة فيه، ابن عرفة: وهذا خبر في معنى النفي، وهو قليل في الخبر المثبت، والأكثر في الخبر المثبت كونه يعني الأمر، مثل (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ)، وفي الخبر النفي كونه بمعنى النهي (لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) ابن عرفة: وعادتهم يقولون: هل هذا من باب [لا أرينك*] هاهنا؛ لأن الفعل أسند لغير فاعله بخلاف: لَا تعد يا سيدي، كذلك هنا ليس المنهي التكاثر، وإنَّمَا المنهي المفعول.
قال: وعادتهم يجيبون بأن ذلك إنما هو في الفاعل الذي يمكن وقوع الفعل منه؛ لأن وقوع الرؤية هنالك من كل واحد منهما ممكن حقيقة، وأما هنا فالتكاثر معنى لا يمكن وقوع الفعل منه بوجه، وانظر ما تقدم في [المنافقون*] (لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ) وفي الغاشية (لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً).
قوله تعالى: ﴿حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (٢)﴾
إن أريد تفاخرهم بكثرة [الأحياء والأموات فما بعدها داخل فيما قبلها*]، وإن أريد تفاخرهم بكثرة المال إلى أن ماتوا فما بعدها غير داخل، وزيارة القبور محمودة، وكان بعضهم يقول إذا رأيت الطالب في ابتداء أمره يكثر من زيارة القبور، فاعلم أنه لَا يفلح لاشتغاله عن طلب العلم بما لَا يجدي شيئا.
قوله تعالى: ﴿كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣)﴾
قيل لابن عرفة: نص ابن مالك وغيره أن سوف أبلغ من التنفيس بالسين، فكيف يفهم من قول ابن عبد العزيز بعث بالقوم للقيامة ورب الكعبة، فإِن الزائر منصرف غير مقيم، فقال: لَا يتنافيان، والتنفيس يصدق بمطلق زمن موصوف بالطول.
أو نقول: سوف للتحقيق، والعطف بـ ثم إما تأكيدا.