﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا (١٠١)﴾.
[١٠١] ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ﴾ سافَرْتُم.
﴿فِي الْأَرْضِ﴾ أي: سفرًا يبيحُ القصرَ، وهو مسيرةُ ثلاثةِ أيامٍ بسيرِ الإبلِ ومشيِ الأقدام عند أبي حنيفةَ، ومسيرةُ يومين قاصِدَينِ، وهو ستةَ عشرَ فرسخًا أربعةُ بُرُدٍ عندَ الثلاثةِ.
﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ﴾ حرجٌ ﴿أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾ بأن تردُّوها من أربعٍ إلى اثنتين، وذلك في الظهرِ والعصرِ والعشاءِ، وهو عزيمةٌ عندَ أبي حنيفةَ، وشدَّد فيه حتى قَال: إذا صلَّى الظهرَ أربعًا، ولم يجلسْ بعدَ الركعتين، بطلَ ظُهره، وإن قعدَ (١) في الثانية، أجزأتْهُ اثنتانِ عن الفرضِ، وركعتانِ عن النافلةِ، وقال الثلاثةُ: هو رخصةٌ، واتفقوا على أن القصرَ أفضلُ من الإتمام، وعلى أن المغربَ والصبحَ لا يقصران، واختلفوا في سفرِ المعصيةِ هل يبيحُ الرخصَ الشرعيةَ من القصرِ وغيرِه؟ (٢) فقال أبو حنيفةَ: يبيحُ، وقال الثلاثة: لا يبيحُ، وتقدَّم نظيرُ ذلك في سورة البقرة عندَ تفسير قوله تعالى: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [الآية: ١٧٣].
﴿إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ﴾ أي: يقتلَكُم وينالَكم بما تكرهونَ.
﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ فظاهرُ الآيةِ: لا يجوزُ القصرُ إلا عندَ الخوفِ، وليسَ كذلكَ، بل الصحيحُ أن الخوفَ ليسَ بشرطٍ بالاتفاق؛ لأن النبيَّ - ﷺ - سافرَ

(١) في "ن": "قعده".
(٢) "من القصر وغيره" ساقطة من "ت".


الصفحة التالية
Icon