من نزولِ سورةٍ على المؤمنين تخبرُ بما يُضمرونَ من النفاق، فَيُفْتَضحون، وهم مع ذلكَ يستهزئون.
﴿قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ﴾ من إنزالِ السورةِ فيكم. قرأ أبو جعفرٍ: (اسْتَهْزُوا) بضم الزاي بغيرِ همزٍ، وكذلك في (يَسْتَهْزُؤنَ) في الحرف الآتي، والباقون: بالهمزِ فيهما (١).
* * *
﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (٦٥)﴾.
[٦٥] وكان جماعةٌ يستهزئون برسولِ الله - ﷺ - لما كانَ في غزوةِ تبوكَ، فقالوا: انظروا إلى هذا الرجل يريدُ أن يفتحَ قصورَ الشامِ وحصونَه، هيهاتَ هيهاتَ! فأخبرَ اللهُ نبيَّهُ، فدعاهم فقال: "قُلْتُمْ كَذَا؟ "، فأنكروا واعتذروا، وقالوا: إنما كنا نخوضُ ونلعبُ، فنزلَ:
﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ﴾ (٢) في الكلام.
﴿وَنَلْعَبُ﴾ كما يفعلُ الركبُ نقطعُ الطريقَ بالحديثِ واللعِب.
﴿قُلْ﴾ يا محمد: ﴿أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ﴾ كتابِه.
﴿وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ﴾ توبيخًا على استهزانِهم بمن لا يصحُّ الاستهزاءُ به.
* * *
(٢) انظر: "أسباب النزول" للواحدي (ص: ١٤١)، و"تفسير البغوي" (٢/ ٣٠١).