ابنوا مسجدًا، فإني ذاهبٌ إلى قيصرَ، فآتي بجنودٍ فأُخرجُ محمدًا وأصحابَه من المدينة، فهذا معنى قوله تعالى:
﴿وَإِرْصَادًا﴾ (١) أي: إعدادًا.
﴿لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ أي: لأجلِ هذا المنافقِ الذي حاربَ.
﴿مِنْ قَبْلُ﴾ أي: من قبلِ بناءِ مسجدِ الضِّرارِ إلى جنبِ مسجدِ قُباء، ولما خرجَ إلى الشامِ ليأتيَ من قَيْصَرٍ بجنودٍ يحاربُ بهم رسولَ الله - ﷺ -، هَلَكَ بِقِنَّسْرينَ طَريدًا وحيدًا.
﴿وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا﴾ أي: ما أردْنا ﴿إِلَّا﴾ الفعلَةَ ﴿الْحُسْنَى﴾ ببناءِ هذا المسجد، وهي الرفقُ بالمسكينِ والضعيفِ في الليلةِ الشاتيةِ وشدَّةِ الحرِّ، والسَّعَة على المسلمينَ.
﴿وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ في حلفِهم.
* * *
﴿لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (١٠٨)﴾.
[١٠٨] فلما خرجَ - ﷺ - إلى تبوكَ، سألوهُ إتيانَ مسجدِهم ليصلِّي فيهِ، فنزلَ: ﴿لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا﴾ لا تصلِّ في مسجدِ الضِّرارِ، وأُخبر بحالِهم فأرسل وَحْشِيًّا بجماعةٍ، فحرقوهُ وهدموهُ، وتفرَّقَ أهلُه فجُعل مكانَه كُناسةٌ تُلْقى فيها (٢) الجِيَفُ.

(١) انظر: "تفسير ابن كثير" (٢/ ٣٨٩)، و"تخريج أحاديث الكشاف" للزيلعي (٢/ ١٠٠)، و"الدر المنثور" للسيوطي (٤/ ٢٨٦).
(٢) في "ظ": "فيه".


الصفحة التالية
Icon