﴿فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ (١١٦)﴾.
[١١٦] ﴿فَلَوْلَا﴾ أي: فهلَّا ﴿كَانَ مِنَ الْقُرُونِ﴾ التي أهلَكْناهم.
﴿مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ والآيةُ للتوبيخِ.
﴿أُولُو بَقِيَّةٍ﴾ أي: ذوو جودٍ وخيرٍ، وسُمِّيَ الفضلُ والجودةُ بقيةً؛ لأنَّ الرجلَ يستبقي أفضلَ ما يخرجُه، يقالُ: هو من بقيةِ الناسِ؛ أي: خيارِهم. قوأ ابنُ جمازٍ عن أبي جعفرِ (بِقْيَةٍ) بكسرِ الباءِ وسكونِ القافِ وفتحِ الياءِ مخففةً، والباقون: بفتح الباء وكسر القاف وتشديد الياء (١)، معناه: فهلَّا كانَ من القرونَ من قبلِكم أولو بقيةٍ من خيرٍ.
﴿يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ﴾ أي: يقومون بالنهي عن الفسادِ، ومعناه جَحْدٌ، أي: لم يكنْ فيهم أولو بقيةٍ ﴿إِلَّا قَلِيلًا﴾ استثناءٌ منقطعٌ، أي: لكنَّ قليلًا.
﴿مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ﴾ نَهَوا عن الفسادِ، وهم أتباعُ الأنبياءِ، و (مِنْ) في (مِمَّنْ) للبيانِ لا للتبعيضِ، تقديرُه: لكنَّ قليلًا منهم أنجيناهُم؛ لأنهم كانوا كذلكَ.
﴿وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا﴾ نُعِّموا ﴿فِيهِ﴾ من الشهواتِ.
﴿وَكَانُوا مُجْرِمِينَ﴾ كافرينَ.

(١) انظر: "النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٢٩٢)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: ٢٦١)، و "معجم القراءات القرآنية" (٣/ ١٣٨).


الصفحة التالية
Icon