﴿يَكَادُ سَنَا﴾ أي: ضوء ﴿بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ﴾ يختطفها من شدة ضوئه. قرأ أبو جعفر: (يُذْهِبُ) بضم الياء وكسر الهاء، فقيل: إن باء (بِالأَبْصَارِ) تكون زائدة؛ كما هي في: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٥]، قال ابن الجزري: والظاهر أن تكون بمعنى (مِنْ)؛ كما جاءت في قول الشاعر:
شُرْبَ النزيفِ ببردِ ماءِ الحَشْرَجِ (١)
أي: من برد، ويكون المفعول محذوفًا؛ أي: يذهب النور من الأبصار، وقرأ الباقون: بفتح الياء والهاء (٢)، وأبو عمرو يدغم الدال من (يَكَادُ) في السين من (سَنَا بَرْقِهِ) (٣).
...
﴿يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (٤٤)﴾.
[٤٤] ﴿يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ﴾ يذهب بأحدهما، ويجيء بالآخر، وينقص من أحدهما، ويزيد في الآخر.
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ التقليب ﴿لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ﴾ لأصحاب الاعتبار.

(١) عجز بيت منسوب إلى الراعي النميري، وعروة بن أذينة، وعمر بن أبي ربيعة، وجميل بن معمر، وصدره:
فلثمتُ فاها آخذًا بقرونها
وانظر: "الكامل" للمبرد (١/ ٣٨١).
(٢) انظر: "تفسير البغوي" (٣/ ٣٠٧)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٣٣٢)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: ٣٢٥)، و"معجم القراءات القرآنية" (٤/ ٢٦٢).
(٣) انظر: "الغيث" للصفاقسي (ص: ٣٠٤)، و"معجم القراءات القرآنية" (٤/ ٢٦١).


الصفحة التالية
Icon